التامّة الجابرة للمصلحة الفائتة ومعه لا يبقى مجال للشكّ في السقوط.
ثمّ إنّه قدسسره أجاب عن الإشكال بقوله :
نعم لكنّه لا ينافي كون النزاع فيهما كان في الاقتضاء بالمعنى المتقدّم ، غايته أنّ العمدة في سبب الاختلاف فيهما إنّما هو الخلاف في دلالة دليلهما ، هل أنّه على نحو يستقل العقل بأنّ الإتيان به موجب للإجزاء ويؤثر فيه وعدم دلالته ويكون النزاع فيه صغروياً أيضاً ، بخلافه في الإجزاء بالاضافة إلى أمره فانّه لا يكون إلاّ كبروياً لو كان هناك نزاع كما نقل عن بعض. (١)
وحاصله : انّ ما ذكر ليس مانعاً من تفسير الاقتضاء بالعلية والتأثير في نفس المورد ، غاية الأمر يحتاج إلى إحراز الصغرى وهو اشتمال المأتي به على المصلحة الجابرة للمصلحة الفائتة ؛ فعندئذ يقع النزاع في الكبرى وهو عليّة امتثال الأمر الاضطراري أو الظاهري لسقوط الأمر الواقعي ، فالنزاع في أنّ إتيان كلّ شيء مسقط لأمره كبروي ، وفي غيره صغروي وكبروي.
وأورد عليه السيد الأُستاذ : بأنّه لا يصحّ تفسير « الاقتضاء » بالعليّة ، سواء كان المعلول هو الإجزاء بالمعنى اللغوي أي الكفاية ، أو سقوط الأمر ، أو سقوط إرادة المولى.
أمّا الأوّل : فهو أمر انتزاعي لا يقع مورد التأثر والتأثير ، مثلاً أنّ العطشان إذا شرب ماءً وتروّى يقول كفى ، فينتزع من التروّي ورفع العطش عنوان « الإجزاء » فليس هو شيئاً وراء التروّي.
وأمّا الثاني : فانّ الإتيان علّة لحصول الغرض ، ومع حصوله ينتفي الأمر ، بانتفاء مقتضيه ، وسببه حصول الغرض لا انّه يسقط.
__________________
١ ـ الكفاية : ١ / ١٢٥.