القائمة في المورد ، وهذا النوع من التصويب يستلزم الدور ، لأنّ البحث والتفحّص والاجتهاد آية وجود الحكم المشترك بين العالم والجاهل ، فيبحث عن العثور عليه ، فلو فرض تحقّق وجوده تابعاً للفحص والبحث يلزم الدور لكن لا أظن انّ الأشاعرة تقول بالسببية بهذا المعنى ، وقد أثبتنا في رسالة الاجتهاد والتقليد أنّهم لا يقولون بالتصويب إلاّ فيما لا نصّ فيه من الأحكام التي فوّض تشريعها في نظرهم إلى الحكام والمجتهدين ، وامّا المشرَّع من الأحكام فالحكم الواقعي غير تابع لآراء المجتهدين وقيام الأمارة ، فلو كان للسببية مفهوم عند الأشاعرة فإنّما هو بهذا المعنى.
الثاني : ما هو منسوب إلى المعتزلة ، وحاصله : تسليم الحكم المشترك بين العالم والجاهل ، غير أنّه إذا طابقت الأمارة الواقع تنجزه ، وإن خالفت الأمارة الواقع ينقلب الواقع إلى مضمون الأمارة ، فيكون مضمونها هو الحكم الواقعي عند من قامت الأمارة على وفقه.
وهذا القول وإن كان يسلّم وجود الحكم الواقعي المشترك بين العالم والجاهل ، ولكنّه يخصّه بالعالم دون من قامت الأمارة عنده على خلاف الواقع ، وإلاّينقلب الواقع إلى مضمون الأمارة.
الثالث : ما اختاره بعض علمائنا الإمامية وعلى رأسهم الشيخ الأنصاري حيث ذهب إلى أنّ الأمارة إذا طابقت الواقع تجزي بلا إشكال.
وأمّا إذا خالفت الواقع فبما أنّ العمل بها مفوت لمصلحة الواقع يجب أن يكون هناك ما يجبر به تلك المصلحة الفائتة.
وليس هنا شيء سوى القول بالمصلحة السلوكية ، وانّ في تطبيق العمل على مفاد الأمارة مصلحة ، فهذه المصلحة القائمة بنفس السلوك ـ لا بمؤدى الأمارة ـ