وأمّا الشرط المستعمل في المقام فهو عبارة عمّا يكون القيد خارجاً والتقيّد داخلاً في مقابل الجزء ، فانّ الثاني كالركوع يكون داخلاً في المأمور به قيداً وتقيّداً ، بخلاف الوضوء فانّه يكون داخلاً تقيداً لا قيداً.
فالذي أوجد الإشكال في المقام هو اشتراك لفظ الشرط بين معنيين : أحدهما ما يستعمل في الفلسفة والآخر ما يستعمل في الفقه ، فالاشتراك اللفظي أحد أسباب المغالطة مثل قولك مشيراً إلى الباصرة هذه عين. ثمّ مشيراً إلى نبع جار و « كلّ عين جارية » فتستنتج هذه جارية ، وإنّما نشأ الخلط في أنّ المقصود من العين الأولى هي الباصرة ، ومن الثانية النبع الجاري ، ومثله المقام.
وعلى ذلك فالمقصود من الشرط أي ما يكون من متعلقات المأمور به ، ومن المعلوم أنّ المأمور به أمر تدريجي لا دفعي ، فيقدّم قسم من أجزائه ويؤخّر قسم آخر ، والمتقدم والمتأخر يعد اعتباراً عملاً واحداً ذا عنوان واحد.
هذا هو حقيقة الأمر ، وممّن تنبّه لهذا الجواب المحقّق النائيني حيث قال : التحقيق هو خروج شروط المأمور به عن حريم النزاع ، بداهة أنّ شرطية شيء للمأمور به ليست إلاّ بمعنى أخذه قيداً في المأمور به ، فكما يجوز تقييده بأمر سابق أو مقارن ، يجوز تقييده بأمر لاحق أيضاً ، كتقييد صوم المستحاضة بالاغتسال في الليلة اللاحقة ، إذ لا يزيد الشرط بالمعنى المزبور على الجزء ، الدخيل في المأمور به تقيّداً وقيداً. (١)
وبذلك نستغني عمّا ذكره المحقّق الخراساني من الجواب ، لما عرفت من أنّ الإشكال غير شامل لهذه الصورة ، إذ لا علّية ولا معلولية.
__________________
١ ـ أجود التقريرات : ١ / ٢٢١ ـ ٢٢٢.