وعلى ضوء هذا الأساس لا فرق بين كون وجود الشرط خارجاً متأخراً عن المشروط أو متقدّماً عليه أو مقارناً له ، إذ على جميع هذه التقادير ، الشرط واقعاً والدخيل فيه حقيقة هو لحاظه ، ووجوده العلمي ، وهو معاصر له زماناً ومتقدّم عليه رتبة.
وعلى الجملة فالحكم بما أنّه فعل اختياري للحاكم فلا يتوقّف صدوره منه إلاّ على تصوّره بتمام أطرافه من المتقدّمة والمقارنة واللاحقة ، وهو الموجب لحدوث الإرادة في نفسه نحو إيجاده كسائر الأفعال الاختيارية ، فالشرط له حقيقة إنّما هو وجود تلك الأطراف في عالم التصور واللحاظ دون وجودها في عالم الخارج. (١)
وكان عليه أن يضيف عليه قوله : وهكذا الحال في شرائط الوضع ، أي صحّة الصوم وحدوث الملكية ، فإنّ الشرط هو لحاظ العقد مع الرضا ، سواء كان الرضا متقدّماً أو متأخراً.
هذا هو غاية توضيح مرامه.
يلاحظ عليه : أنّه على خلاف ظاهر الأدلّة فانّ الشرط عبارة عن نفس الرضا ، قال سبحانه : ( إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارةً عَنْ تَراض ). (٢)
وما تخلّص به في آخر كلامه من النقض والإبرام غير رافع لهذا الإشكال ، إذ ليس الإشكال في صحّة الصدق وإنّما الإشكال فيما هو المتبادر من الأدلّة ، فانّ المتبادر من الأدلّة هو الوجود الخارجي لا لحاظ الحاكم وجوده في ظرفه.
نعم يصحّ ما ذكره في شرائط الحكم والارادة ، فانّ الشرط فيها هو تصوّر الشروط المتقدّمة والمتأخّرة ولا يصحّ في شرائط الوضع كما مرّ.
__________________
١ ـ المحاضرات : ٢ / ٣١٠.
٢ ـ النساء : ٢٩.