ونعيمها : ( إِنّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكوراً ) (١) ، وما وعده من الشكر وعدم المنّ عند إيتاء الثواب تمام التفضّل. (٢)
فالقول بالتفضّل أوضح برهاناً وأوفق بالقرآن الكريم كما سيوافيك.
الدليل الثاني : ما تكرر في الذكر الحكيم من التعبير عن الثواب ، بالأجر للعمل وهو آية الاستحقاق ، كاستحقاق العامل لراتبه في آخر الشهر ، قال سبحانه : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرةٌ وأَجرٌ كَبير ). (٣)
وقال تعالى : ( وَاصْبر فَإِنَّ اللّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنين ) (٤) إلى غير ذلك ممّا يعدّ الثواب أجراً وهو تعبير آخر عن الاستحقاق.
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ التعبير بالأجر فيها كالتعبير بالاستقراض في قوله سبحانه : ( منْ ذَا الَّذي يُقْرِضُ اللّهَ قَرضاً حَسناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيم ) (٥) فانّ التعبير بالاستقراض لغاية الحثّ على ما ندب إليه القرآن من الإنفاق حتّى شبّه إنفاقه بأنّه قرض يقرضه اللّه سبحانه وعليه ان يردّه ، ونظيره التعبير بما يتفضّل بالأجر ، فانّه لإيجاد الرغبة إلى الإنفاق وانّه لايذهب سدى ، بل يقابل بالأجر الكريم على اللّه العزيز الذي لا يبخس أحداً.
وثانياً : أنّ هنا آيات تدلّ على أنّ الثواب إنّما هو بالوعد والمواضعة كقوله : ( وَكُلاً وعدَ اللّهُ الحُسْنى ) (٦) وقوله سبحانه : ( وَعَدَ اللّهُ الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالحات لَهُمْ مَغْفِرةٌ وَأَجْرٌ عَظِيم ) (٧) فلو كان هناك استحاق في الثواب ، لما كان هناك حاجة بالجعل ، وهذا كاشف عن الثواب ليس إلاّ تفضّلاً منه سبحانه.
__________________
١ ـ الإنسان : ٢٢.
٢ ـ الميزان : ١٩ / ١٧٦.
٣ ـ فاطر : ٧.
٤ ـ هود : ١١٥.
٥ ـ الحديد : ١١.
٦ ـ النساء : ٩٥.
٧ ـ المائدة : ٩.