إليه أمر آخر وهو إرادة المكلَّفِ امتثالَ الواجب النفسي ، فعندئذ يترتّب ذو المقدّمة على المقدّمة ، وعلى ضوء ذلك فما هو مقدّمة ليست بموصلة ، وما هو موصلة ـ أي المقدّمة مع قيد الإرادة ـ لا يتعلّق به التكليف ، لأنّ الإرادة أمر خارج عن الاختيار ولا يتعلّق بها التكليف ، وإلى ذلك أشار المحقّق الخراساني بقوله :
وأمّا ترتّب الواجب فلا يعقل أن يكون الغرضَ الداعي إلى إيجابها والباعثَ على طلبها ، فانّه ليس بأثر تمام المقدّمات فضلاً عن إحداها في غالب الواجبات ، فانّ الواجب إلاّ ما قلّ في الشرعيات والعرفيات فعل اختياري يختار المكلّف تارة ، إتيانَه بعد وجود تمام مقدّماته ، وأُخرى عدمَ إتيانه ، ومن المعلوم أنّ مبادئ اختيار الفعل الاختياري لا يوصف بالوجوب لعدم كونها بالاختيار وإلاّ لتسلسل. (١)
يلاحظ عليه :
أوّلاً : بأنّ الإشكال نشأ من تفسير الموصلة بالعلّة التامة لتحقّق ذيها ، وعندئذ تُصوّر أنّ المقدّمات بلا ضم الإرادة ليست بعلّة تامة ، ومعها وإن كانت علّة تامة لكن لا يتعلّق بها الأمر ، غير انّك عرفت أنّ المراد من الموصلة عبارة عن كون المقدّمة في الواقع في طريق المقصود ومنتهية إليه ولو بواسطة الإرادة ، وإن كانت المقدّمة بعامّة أجزائها غير كافية في تحقّق الغاية بل محتاجة إلى توسيط الإرادة.
وعلى ذلك فكلّ من الشرط والمعد والسبب لو كان في الواقع في طريق ذيها فالجميع موصلة بهذا المعنى وإن لم يترتّب المقصود عليها بالفعل غير أنّه سيترتّب
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٨٥ ، وقد خلط المحقّق الخراساني في المقام بين الإشكالين الثالث والسادس ولأجل ذلك أوجد تشويشاً في العبارة.