بأنّه وإن كان غير مجعول بالذات ، لا بالجعل البسيط الذي هو مفاد كان التامة ، ولا بالجعل التأليفي الذي هو مفاد كان الناقصة ، إلاّ أنّه مجعول بالعرض ويتبعُ جعلَ وجوب ذي المقدّمة ، وهو كاف في جريان الأصل. (١)
الثاني : كيف يجري استصحاب عدم وجوب المقدّمة مع أنّه لو كانت هناك ملازمة بين الوجوبين للزم تفكيك اللازم عن الملزوم ، واحتمال التفكيك بين المتلازمين كما هو مقتضى الاستصحاب كالقطع بالتفكيك محال؟
وبعبارة أُخرى : لو لم يكن هناك ملازمة بين الوجوبين كان استصحاب عدم الوجوب موافقاً له ولو كان بينها ملازمة فيكون استصحابه مخالفاً له ، فبما انّ الواقع مستور عنّا ، فنحتمل وجود الملازمة وبالتالي نحتمل انّ لازم استصحاب عدم وجوب المقدّمة احتمالُ التفكيك بين المتلازمين لا يصحّ استصحاب عدمها ، إذ من المعلوم انّ احتمال التفكيك كالقطع به ، محال.
وأجاب عنه بأنّ لزوم التفكيك بين المتلازمين محال واقعاً وليس بمحال ظاهراً.
وبعبارة أُخرى : لزوم التفكيك بين الوجوبين مع الشكّ لا ينافي الملازمة الواقعية وإنّما ينافي الملازمة الفعلية.
نعم ، لو كانت الدعوى هي الملازمة المطلقة حتى في المرتبة الفعلية لصحّ التمسّك بذلك الأصل في إثبات بطلان الملازمة الفعليّة.
وما أشار إليه من الجواب مبني على ما أفاده الشيخ الأنصاري في آخر الاستصحاب من أنّه لا بأس بالتفكيك بين المتلازمين في الظاهر دون الواقع ، ولذلك لو توضّأ بماء أحد الإناءين المشتبهين يحكم على الأعضاء بالطهارة ، وعلى
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٩٩.