فجريانه لغو.
نعم لو كان المستصحب وجوب المقدّمة فله أثر عملي وثمرات فرغنا عن ذكرها. ولكن المفروض أنّ المستصحب هو عدم الوجوب.
هذا هو الإشكال الواقعي المتوجّه على جريان الاستصحاب في المقام.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني ذكر اعتراضين لهذا الاستصحاب وأجاب عنهما ، ولا بأس بالتعرّض لهما :
الأوّل : يشترط في الاستصحابات العدمية أن يتعلّق العدم بالحكم الشرعي كالوجوب والحرمة ، أو متعلّقه كالزوجية والكرّية وغيرهما ، ووجوب المقدّمة ليس موضوعاً لحكم شرعي كما هو واضح ، كما أنّه ليس حكماً شرعياً مجعولاً حتى يتعلّق به العدم ، وذلك لأنّ وجوب المقدّمة على فرض وجوبها من لوازم وجوب ذيها ، واللازم ليس من المجعولات ، فإذا لم يكن مجعولاً شرعياً فلا يجوز استصحاب عدم ذلك الأمر غير المجعول ، وقد أشار المحقّق الخراساني إلى الإشكال بقوله :
وتوهّم عدم جريانه لكون وجوبها على الملازمة من قبيل لوازم الماهية غير مجعولة ، ولا أثر آخر مجعول مترتّب عليه ، ولو كان لم يكن بمهم هاهنا. (١)
ثمّ أجاب عنه بما حاصله : انّ وجوب المقدّمة وإن لم يكن موضوعاً لحكم شرعي لكنّه حكم شرعي مجعول بالعرض ، فالمجعول بالذات هو وجوب ذيها ، والمجعول بالعرض هو وجوب نفسها ، وكفى في جريان استصحاب العدم كون المتعلّق مرتبطاً بالشارع بنحو من الارتباط ، وعندئذ إذا تعلّق به العدم تتم أركان الاستصحاب ، وإلى هذا الجواب أشار المحقق الخراساني بقوله :
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٩٩.