٢. البراءة الشرعية ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رفع عن أُمّتي ما لا يعلمون ».
٣. الاستصحاب ، نظير قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تنقض اليقين بالشك ».
وإليك الكلام في كلّ واحد تلو الآخر.
أمّا البراءة العقلية فلا تنفع في المقام ، لأنّ مجراها هو احتمال العقاب ، وفي المقام نقطع بعدم العقاب ، سواء أكانت المقدّمة واجبة أم لا ، لما قلنا من أنّ امتثال الأمر الغيري يوجب الثواب ولكن تركه لا يوجب العقاب ، فمع القطع بعدم العقاب فلا موضوع للبراءة العقلية.
وأمّا البراءة الشرعية فلا موضوع لها أيضاً ، لأنّ شرط جريانها هو وجود الكلفة في الإيجاب ، والامتنان في الرفع ، وكلاهما منفيّان ، إذ لا كلفة في إيجاب المقدّمة لعدم ترتّب العقاب على تركها ، كما لا امتنان في رفعها ، لحكم العقل بوجوبها ولزوم الإتيان بها.
وأمّا الاستصحاب فقد ذهب المحقّق الخراساني إلى أنّ المرجع هو الاستصحاب فقال : نعم نفس وجوب المقدّمة مسبوق بالعدم حيث يكون حادثاً بحدوث وجوب ذي المقدّمة ، فالأصل عدم وجوبها. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الاستصحاب أصل عملي يجري فيما إذا كان هناك أثر عملي في مجراه ، ولكنّه مفقود في المقام ، إذ لا يترتّب على استصحاب وجوب المقدّمة أثر عملي لحكم العقل بلزوم الإتيان بها وإن لم يحكم الشرع بوجوبها.
وإن شئت قلت : إنّ الحكم بعدم وجوبها شرعاً ـ بعد حكم العقل بوجوبها ـ يجعل الاستصحاب عقيماً بلا أثر ، والاستصحاب من الأُصول العملية المجعولة لتعيين وظيفة المكلّف من حيث العمل ، فإذا لم تكن هناك فائدة في مورد العمل
__________________
١ ـ كفاية الأُصول : ١ / ١٩٩.