إحراز إمكانه وهو بعدُ غير محرز؟!
وإن شئت قلت : إنّ إجراء الأصل فرع إحراز الإمكان الواقعي وهو بعدُ لم يحرز إلاّ بنسبة خمسين بالمائة ، لاحتمال عدم وجود الملازمة ، لا مائة بالمائة لاحتمال وجود الملازمة ومع التردد ، فالإمكان الذاتي غير محرز ، ومعه لا يمكن جعل الحكم الظاهري على خلافه.
وعلى هذه الضابطة أخرج الشيخ الأنصاري الموارد الثلاثة من مجرى البراءة ، أعني : موارد النفوس والأعراض والأموال المحتملة إباحتها وحرمتها ، وذلك لأنّه لو كان هناك حكم في حرمتها فهو فعليّ واقعاً وظاهراً ، ومع هذا العلم الجزمي ولو على وجه التعليق لا يمكن الحكم بالبراءة ، لأنّ لازمه جعل حكم ظاهري يخالف الحكم الواقعي الذي لو كان واقعاً كان فعلياً قطعاً.
وبهذا تمتاز هذه الأُمور الثلاثة عن شرب التتن ، إذ يمكن جعل الإباحة في شربه ، فانّه لو كان هناك حكم واقعي كالحرمة فهو ليس بفعلي قطعاً ، بخلاف الأُمور الثلاثة إذ لو كان هناك حكم باسم الحرمة لكان فعلياً بلا ريب.
وإن شئت قلت : إنّ مفاد جريان الاستصحاب هو نفي الوجوب الفعلي حتى على فرض الملازمة بين الوجوبين ، وهو خلف ، لأنّ جريان الأصل إنّما يصحّ على فرض عدم الملازمة.
هذا غاية توضيح مرام السيد المحقّق البروجردي ، وقد ناقش فيه شيخنا الأُستاذ ـ مد ظله ـ بما هذا بيانه :
أوّلاً : بأنّ العلقة التكوينية موجودة بين الإرادتين ، وأمّا العلقة بين الوجوبين فليست تكوينية ، إذ من الممكن إيجاب ذي المقدّمة دون إيجابها ، بخلاف الإرادتين فانّ التوالي هناك أمر لا يمكن التخلّص عنه.
وثانيا : انّ ما ذكره مبني على شرطية إحراز الإمكان الذاتي في جريان الأصل ،