فمعنى قول القائل : ليس زيد عالماً هو سلب كونه هو هو ، وانّه لا اتحاد بينهما ، وليس معناه حمل النسبة السلبية على زيد.
فالسوالب المحصلة من القضايا الحملية لسلب الهوهوية لا حمل النسبة السلبية على زيد.
هذا كلّه في الحمليات الحقيقية ، وأمّا الحمليات المؤوّلة ، أعني : ما تتخللها الأدوات مثل « في » و « على » فالحقّ انّ موجباتها تشتمل على النسبة الكلامية أوّلاً والخارجية ثانياً دون سالباتها ، فالأوّل مثل قولك : « زيد في الدار » أو « زيد على السطح » لأنّ تفسير الجملة عن طريق الهوهوية غير تام ، إذ لا يمكن أن يقال انّ زيداً هو نفس في الدار ، بل لابدّ من القول باشتمال الجملة على النسبة وهي انّ هنا زيداً ، كما أنّ هنا داراً وشيئاً ثالثاً وهو كون زيد فيها. وهو أمر وراء الموضوع والمحمول. وهذا من غير فرق بين مقام الدلالة ومقام الخارج ، ففي الخارج أيضاً زيد وسطح واستقرار زيد عليه نظير قولك : « الماء في الكوز » ، ففي هذا النوع من الحمليات ترافق النسبةُ الكلامية ، النسبةَ الخارجية.
وأمّا السوالب فهي لسلب النسبة ، فقولك : ليس زيد في الدار ، سلب للنسبة المذكورة الكلامية أو الخارجية.
وبذلك يعلم أنّ متعلّق السلب تابع لما هو مدلول القضية الحملية الموجبة ، فلو كان مدلولها هو الهوهوية فالسلب يتعلّق بسلب الهوهوية كما أنّه لو كان موجبها هو النسبة وحصول شيء في شيء أو على شيء فالسلب يتعلّق بسلب تلك النسبة.
إلى هنا تبيّن عدم اشتمال الجمل الاسمية على النسبة الكلامية إلاّ في الحملية المؤوّلة الموجبة ، فالقول بالاشتمال فيها هو الصحيح.