وبعبارة أُخرى : انّ تمييز الحصة التوأمة بالإرادة عن الحصة غير التوأمة يحتاج إلى قيد حتى يوضع لاحدى الحصتين دون الأُخرى. ومعه يرجع إلى المشروطة.
وأمّا الخامس : فهو خيرة المحقّق الإصفهاني فقال : العلقة الوضعية متقيدة بصورة الإرادة الاستعمالية وفي غيرها لا وضع ، وما يرى من الانتقال إلى المعنى بمجرّد سماع اللفظ من لافظ غير شاعر فمن جهة أُنس الذهن بالانتقال من سماعه إلى إرادة معناه. (١)
توضيح ما ذكره : هو أنّ الوضع فعل اختياري للواضع ، وكلّ فعل اختياري لابدّ له من غاية ، فالعلّة الغائية تضيق جانب الفعل وتحدده وتخصه بصورة وجوده الغاية وهو الإفادة والاستفادة أو إبراز ما في الضمير.
يلاحظ عليه : أنّ الغرض من الوضع وإيجاد العلقة الاعتبارية بين اللفظ والمعنى ، هي بيان الحقائق الواقعية بما هي هي لا ما وقعت في أُفق الإرادة ، فإذا قال القائل : « الماء جسم رطب سيال » ، فانّه يريد بيان الحقيقة الخارجية وانّ ذلك العنصر بما هو هو لا بما انّه واقع في ذهن القائل ، فإذا كانت الغاية محددة للفعل فالغاية هي بيان الحقائق وهو يوجب إطلاق العلقة الوضعية وعدم تقيّدها بإرادة المتكلّم.
بقي هنا أُمور :
الأوّل : انّ الدلالة تنقسم إلى : تصورية ، وتفهيمية ، وتصديقية.
أمّا الأُولى : فهي عبارة عن دلالة اللفظ على معناه عند سماعه ، وربّما يعبّر عنها بالدلالة الوضعية ، وهي لا تتوقف على شيء ما عدا العلم بالوضع ، ولأجل
__________________
١ ـ نهاية الدراية : ١ / ٢٣.