.................................................................................................
______________________________________________________
الأول : ما أشار إليه بقوله : «لو سلم» ، وتوضيحه : أن أوامر الاحتياط مثل : «وقفوا عند الشبهة» ، و «عليكم بالكف والتثبت» ، و «خذ بالحائطة لدينك» ، و «وعليكم بالاحتياط» ونحوها ؛ وإن كانت ظاهرة بدوا في الوجوب المولوي المستلزم لترتب المثوبة على موافقته والعقوبة على مخالفته ؛ إلا إنها تصرف عن هذا الظهور إلى الإرشاد أو الطلب المولوي الجامع بين الوجوب والندب أو الاستحباب ، كقوله «عليهالسلام» في مرفوعة أبي شعيب : «أورع الناس من وقف عند الشبهة» (١) ، وقوله «عليهالسلام» : «لا ورع كالوقوف عند الشبهة» (٢) ، وقوله «عليهالسلام» : «فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك» (٣).
وأما ما لا بد من حمله على الطلب الجامع : فمثل قوله «عليهالسلام» : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» (٤) ، وقوله «عليهالسلام» : «أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت» ونحوهما ، فإن حمل هذه الروايات على الوجوب مستلزم لارتكاب التخصيص بإخراج الشبهات الوجوبية والموضوعية عنها ؛ لاعتراف الأخباريين بعدم وجوب الاحتياط فيها ، مع أن سياقها آب عن التخصيص ، وحملها على الاستحباب مستلزم لإخراج موارد وجوب الاحتياط مما تنجّز فيه التكليف ودار المكلف به بين أطراف محصورة ، وعليه : فتتعيّن إرادة مطلق الرجحان الجامع بين الوجوب والاستحباب ، فالاحتياط واجب في بعض الموارد كالشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ، ومستحب في بعض الموارد كالشبهات البدوية بعد الفحص.
نعم ؛ مع الغض عما تقدم والبناء على الأخذ بظواهر أوامر الاحتياط في الوجوب المولوي : يكون ما دل على وجوبه واردا على حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، ورافعا لموضوعه ؛ لوجود البيان الظاهري المصحح للعقوبة على مخالفته. هذا ما أشار إليه بقوله : «لو سلم» يعني : لو سلم دلالتها على الوجوب ، ولم نقل بوجود قرائن تدل على أن الأمر فيها للاستحباب أو الإرشاد. «وإن كان واردا على حكم العقل ...» الخ.
__________________
(١) الخصال : ١٦ : ٥٦ ، الوسائل ٢٧ : ١٦٢ / ٣٣٤٩٢.
(٢) نهج البلاغة ٤ : ٢٦ / جزء من ١١٣ ، الوسائل ٢٧ : ١٦١ / ٣٣٤٨٦.
(٣) صحيح البخاري ٣ : ٤.
(٤) المحاسن ١ : ٢٧٥ / ١٠٢ ، الكافي ١ : ٥٠ / ٩ ، تهذيب الأحكام ٧ : ٤٧٤ / ذيل ح ٩٢٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٥٥ / ذيل ح ٢٥٥٧٣.