اللهَ وَالرَّسُولَ) لا (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) ما ائتمنتم عليه من الدين وغيره (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٢٧) (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) لكم صادة عن أمور الآخرة (وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (٢٨) فلا تفوتوه بمراعاة الأموال والأولاد والخيانة لأجلهم. ونزل في توبته (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ) بالإنابة وغيرها (يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) بينكم وبين ما تخافون فتنجون (وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) ذنوبكم (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٢٩) (وَ) اذكر يا محمد (إِذْ
____________________________________
بخصوص السبب. قوله : (وَتَخُونُوا) معطوف على الفعل قبله ، فهو في حيز النهي ، ولذا قدر المفسر لا ، فهو نهي عن الخيانتين. قوله : (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الجملة حالية من فاعل (تَخُونُوا.) قوله : (صادة) أي مانعة. قوله : (فلا تفوتوه بمراعاة الأموال) إلخ. أي لأنها أمور زائلة فانية ، وسعادة الآخرة لا نهاية لها فهي أولى بتقديمها على ما يفنى. قوله : (فُرْقاناً) أي نجاة مما تخافون ، وقد أشار لهذا المفسر بقوله : (فتنجون) وقيل : المراد بالفرقان النور الكائن في القلب الذي يفرق به بين الحق والباطل ، وهو أولى. قوله : (وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) أي يمحها ، فقوله : (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) عطف مرادف عليه.
قوله : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ) إذ ظرف معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله : (اذكر) وهذا تذكير لنعمة الله على نبيه ، إثر تذكير نعمة الله على المؤمنين بقوله : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ) ، والمكر الاحتيال على إيصال الضر للغير. وحاصل ذلك : أن قريشا عرفوا لما أسلم الأنصار ، أن أمر رسول الله يتفاخم ويظهر ، فاجتمع نفر من كبار قريش في دار الندوة ليتشاوروا في أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان رؤساؤهم : عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو جهل ، وأبو سفيان ، وطعمة بن عدي ، والنضر بن الحرث ، وأبو البحتري بن هشام ، وزمعة بن الأسود ، فجاءهم إبليس في صورة شيخ نجدي ، فلما رأوه قالوا له : من أنت؟ قال : أنا شيخ من نجد ، سمعت باجتماعكم فأردت أن أحضركم ، ولن تعدموا مني رأيا ونصحا ، فقالوا له : ادخل فدخل ، فقال أبو البحتري : أما أنا فأرى أن تأخذوا محمدا وتحبسوه في بيت مقيدا ، وتسدوا باب البيت غير كوة تلقون منها طعامه وشرابه حتى يهلك ، فصرخ ذلك الشيخ النجدي وقال : بئس الرأي ، إن أصحابه يقاتلونكم ويخرجونه قهرا عليكم ، فقالوا : صدق الشيخ النجدي ، فقال هشام بن عمرو : إني أرى أن تحملوه على بعير فتخرجوه من بين أظهركم ، فلا يضركم ما صنع ، فقال الشيخ النجدي : ما هذا برأي ، تعمدون إلى رجل قد اتبعه سفهاؤكم ، فتخرجوه إلى غيركم فيفسدهم ، ألم تروا إلى حلاوة منطقه وطلاقة لسانه ، لئن فعلتم ذلك ، يذهب ويستميل قلوب آخرين ، فيسير بهم إليكم فيخرجكم من بلادكم ، فقال أبو جهل : إني أرى أن تأخذوا من كل بطن من قريش شابا نسيبا ، ويعطى كل شاب سيفا صارما ، ثم يضربونه به ضربة واحدة ، فإذا قتل تفرق دمه في القبائل ، ولا أظن أن هذا الحي من بني هاشم ، يقوون على حرب قريش كلها ، غايته يطلبون ديته وهو أمر سهل ، فقال إبليس : إنه أجودكم رأيا فتفرقوا على ذلك ، فأتى جبريل وأخبر رسول الله بذلك ، وبأن الله أذن له في الخروج إلى المدينة ، فلما كان الليل ، اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام ، فأمر رسول الله عليا أن يبيت بمضجعه ، وقال له : تسج ببردتي ، فإنه لن يخلص إليك منهم أمر تكرهه ، ثم خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليهم ، وقد أخذ أبصارهم ، فلم يره منهم أحد ، ونثر على رؤوسهم التراب وهو يتلو قوله تعالى (يس) إلى قوله : (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) ثم أتاهم آت فقال لهم : إن محمدا خرج عليكم ووضع التراب على