خِلالَكُمْ) أي أسرعوا بينكم بالمشي بالنميمة (يَبْغُونَكُمُ) يطلبون لكم (الْفِتْنَةَ) بإلقاء العداوة (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) ما يقولون سماع قبول (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٤٧) (لَقَدِ ابْتَغَوُا) لك (الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ) أول ما قدمت المدينة (وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ) أي أجالوا الفكر في كيدك وإبطال دينك (حَتَّى جاءَ الْحَقُ) النصر (وَظَهَرَ) عز (أَمْرُ اللهِ) دينه (وَهُمْ كارِهُونَ) (٤٨) له فدخلوا فيه ظاهرا (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي) في التخلف (وَلا تَفْتِنِّي) وهو الجد بن قيس قال له النبي صلىاللهعليهوسلم هل لك في جلاد بني الأصفر فقال إني مغرم بالنساء وأخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر عنهن فأفتتن : قال تعالى : (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) بالتخلف. وقرىء سقط (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (٤٩) لا محيص لهم عنها (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ) كنصر وغنيمة (تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ) شدة (يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا) بالحزم حين تخلفنا (مِنْ قَبْلُ) قبل هذه
____________________________________
خَبالاً) يصح أن يكون استثناء منقطعا ، والمعنى ما زادوكم قوة ولكن خبالا أو متصلا من عموم الأحوال ، والمعنى ما زادوكم شيئا أصلا إلا خبالا.
قوله : (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) الإيضاع في الأصل سرعة سير البعير ، ثم استعير الإيضاع لسرعة الإفساد ، ففي الكلام استعارة تبعية ، حيث شبه سرعة الإفساد بسرعة سير الركائب ، ثم اشتق منه أوضعوا بمعنى أسرعوا ، وفي الخلال استعارة مكنية ، حيث شبه الخلال بركائب تسرع في السير ، وطوى ذكر المشبه به ، ورمز له بشيء من لوازمه ، وهو أوضعوا بمعنى أسرعوا فإثباته تخييل.
قوله : (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) حال من فاعل أوضعوا ، والتقدير طالبين لكم الفتنة. قوله : (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) يحتمل أن يكون المراد جواسيس منهم يتسمعون لهم الأخبار منكم ، ويحتمل أن يكون الضمير في فيكم ، عائدا على المؤمنين ، والمعنى أن في المؤمنين ضعفاء قلوب ، يصغون إلى قول المنافقين بالتخذيل والإفساد ، لظنهم صحة إيمانهم. قوله : (مِنْ قَبْلُ) أي قبل هذه الغزوة ، كالواقع من المنافقين في أحد وفي الأحزاب. قوله : (حَتَّى جاءَ الْحَقُ) أي استمروا على تقليب الأمور حتى إلخ. قوله : (وهو الجد بن قيس) وهو منافق عنيد ، حتى أنه من قباحته امتنع من مبايعة رسول الله تحت الشجرة في بيعة الرضوان ، واختفى تحت بطن ناقته. قوله : (في جلاد بني الأصفر) أي ضربهم بالسيوف ، وفي نسخة جهاد ، وهي ظاهرة ، وبنو الأصفر هم ملوك الروم ، أولاد الأصفر بن روم بن عيص بن إسحاق. قوله : (وقرىء سقط) أي بالإفراد مراعاة للفظ من ، والضمير عائد على الجد بن قيس ، وهي شاذة كما هي قاعدته.
قوله : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ) أي في بعض الغزوات. قوله : (وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ) أي في بعضها ، وقابل الحسنة بالمصيبة ، إشارة إلى أن الثواب مترتب على كل منهما ، وإنما قابلها بالسيئة في آل عمران ، لأنها خطاب للمؤمنين ، وفيهم من ير اها سيئة. قوله : (يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ) أي أدركنا ما أهمنا من