تطهرون به قالوا والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود وكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا ، وفي حديث رواه البزار فقالوا نتبع الحجارة بالماء فقال هو ذاك فعليكموه (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى) مخافة (مِنَ اللهِ) رجاء (وَرِضْوانٍ) منه (خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا) طرف (جُرُفٍ) بضم الراء وسكونها جانب (هارٍ) مشرف على السقوط (فَانْهارَ بِهِ) سقط مع بانيه (فِي نارِ جَهَنَّمَ) خبر تمثيل للبناء على ضد التقوى بما يؤول إليه والاستفهام للتقرير أي الأول خير وهو مثال مسجد قباء ، والثاني مثال مسجد الضرار (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٠٩) (لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً) شكا (فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ) تنفصل (قُلُوبِهِمْ) بأن يموتوا (وَاللهُ عَلِيمٌ) بخلقه (حَكِيمٌ) (١١٠) في صنعه بهم (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) بأن يبذلوها في طاعته كالجهاد (بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ
____________________________________
بالأحجار ، بديل الرواية الثانية. قوله : (نتبع الحجارة بالماء) أي وهذا هو الأكمل في الاستنجاء ، فإن لم يوجد حجر ، فالمدر يقوم مقامه ، وإلا فالماء فقط ، أو الحجرة فقط ، أو المدر فقط ، قوله : (فعليكموه) أي الزموه.
قوله : (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى) إلخ ، في الكلام استعارة مكنية ، حيث شبهت التقوى والرضوان بأرض صلبة ، يعتمد عليه البنيان ، وطوى ذكر المشبه به ، ورمز له بشيء من لوازمه وهو التأسيس ، فإثباته تخييل ، والتأسيس كناية عن أحكام أمور الدين والأعمال الصالحة.
قوله : (أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ) أي أحكم أمور دينه على ضلال وكفر ونفاق. قوله : (بضم الراء وسكونها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (جانب) الأحسن ما قاله غيره ، أن المراد به البئر التي لم تطو. قوله : (هارٍ) إما أصله هاور ، أو هائر ، فقدمت اللام على العين فصار كقاض ، فإعرابه بحركات مقدرة ، أو حذفت عينه تخفيفا بعد قلبها همزة ، فإعرابه بحركات ظاهرة ، وإما أصله هور أو هير ، تحركت الواو أو الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا مثل باب ، وإعرابه بحركات ظاهرة كالذين قبله. قوله : (فِي نارِ جَهَنَّمَ) وورد أنهم ارأوا الدخان حين حفروا أساسه. قوله : (خبر) قدره إشارة إلى أن خبر من الثانية محذوف. قوله : (رِيبَةً) أي سبب ريبة ، أو بولغ فيه حتى جعل نفس الريبة.
قوله : (إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ) مستثنى من محذوف ، والتقدير لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم ، في كل وقت أو كل حال ، إلا وقت أو حال تقطيع قلوبهم ، وفيها قراءتان سبعيتان : الأولى بفتح التاء وتشديد الطاء بحذف إحدى التاءين ، وقلوبهم فاعل. الثانية بضم التاء ، وقلوبهم نائب فاعل ، وقرىء شذوذا تقطع بالتخفيف ، وقرىء أيضا إلا أن تقطع بضم التاء وكسر الطاء المشددة ، وقلوبهم مفعول به ، والفاعل ضمير يعود على النبي. قوله : (حَكِيمٌ) (في صنعه) أي يضع الأشياء في محلها ، منه جريان عادة الله في كل حسود لأهل الدين والصلاح ، أنه لا يزال الكمد به حتى يموت على أسوأ الأحوال.
قوله : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ) إلخ ، لما ذكر قبائح المتخلفين لغير عذر ، وما فاتهم من الخير العظيم ، ذكر فضل المجاهدين ، وما أعد لهم من الفوز الأكبر ، حيث عظم أنفسهم وأموالهم ،