وَيُخْزِهِمْ) يذلهم بالأسر والقهر (وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) (١٤) مما فعل بهم هم بنو خزاعة (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) كربها (وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) بالرجوع إلى الإسلام كأبي سفيان (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١٥) (أَمْ) بمعنى همزة الإنكار (حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا) لم (يَعْلَمِ اللهُ) علم ظهور (الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) بالإخلاص (وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) بطانة وأولياء المعنى ولم يظهر المخلصون وهم الموصوفون بما ذكر من غيرهم (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٦) (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ) بالأفراد والجمع والقعود فيه (شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ) بطلت (أَعْمالُهُمْ) لعدم شرطها (وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ) (١٧) (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ) أحدا (إِلَّا اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (١٨) (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ
____________________________________
قوله : (وَيَتُوبُ اللهُ) بالرفع استئناف ، ولم يجزم لأن التوبة على من يشاء ، ليست جزاء على قتال الكفار. قوله : (بمعنى همزة الإنكار) الحق أنها بمعنى بل ، والهمزة معا كما تقدم له. قوله : (أَنْ تُتْرَكُوا) أي يترككم الله من غير قتال. قوله : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ) الجملة حالية. قوله : (علم ظهور) دفع بذلك ما يقال كيف ينفى علم الله مع أنه متعلق بكل شيء وجد أو لم يوجد. قوله : (بالإخلاص) أي مع إخلاص. قوله : (وَلِيجَةً) من الولوج وهو الدخول ، والمعنى بل ظننتم أن تتركوا من غير قتال بمجرد قولكم آمنا ، بل يظهر المجاهد منكم الإخلاص من غيره ، ولم تتخذوا في الله ورسوله ولا المؤمنين شيئا تدخلونه في قلوبكم ، غير محبة الله ورسوله والمؤمنين.
قوله : (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ) إلخ. سبب نزول هذه الآية وما بعدها أن جماعة من رؤساء قريش أسروا يوم بدر ، منهم العباس عم رسول الله ، فأقبل عليهم نفر من أصحاب رسول الله يعيرونهم بالشرك ، وجعل علي بن أبي طالب يوبخ العباس بسبب قتال رسول الله وقطيعة الرحم ، فقال العباس : ما لكم تذكرون مساوينا ، وتكتمون محاسننا؟ فقيل له : وهل لكم محاسن؟ قال : نعم ، نحن أفضل منكم ، نعمر المسجد الحرام ، ونحجب الكعبة أي نخدمها ، ونسقي الحجيج ، ونفك العاني. قوله : (بالإفراد والجمع) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فالإفراد إما على أن المراد بالمسجد الحرام ، أو على أن المسجد اسم جنس ، فيدخل فيه جميع المساجد ، والجمع إما على أن كل بقعة من المسجد الحرام يقال لها مسجد ، أو الجمع باعتبار أنه قبلة لسائر المساجد.
قوله : (شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ) قيل : المراد به السجود للأصنام ، لأن كفار قريش كانوا قد نصبوا أصنامهم خارج البيت الحرام عند القواعد ، وكانوا يطوفون بالبيت عراة ، كلما طافوا طوفة سجدوا للأصنام ، فلم يزدادوا بذلك إلا بعدا من الله. قوله : (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) أي الحسنة التي افتخروا بها من خدمة المساجد ، وفك الأسير ، وسقاية الحاج ، وغير ذلك. قوله : (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ) بالجمع باتفاق السبعة ، وعمارتها تكون ببنائها من المال الحلال والصلاة فيها وغير ذلك. قوله : (أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) أي أن يحشروا في زمرتهم يوم القيامة.