وهو غير جيّد ؛ لأنّ مراد المستدلّ أنّ فعل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا الوقت يدلّ على بقاء الوقت إليه فينفى التضيّق ، وينفى ما زاد عنه بعدم ثبوت التوقيف. ولا يضرّ فعله في الناقص غالبا في ذلك ؛ لأنّ فعل النادر كاف في نفي التضيّق ، كما أن عدم ثبوت التوقيف كاف في نفي الزائد.
فالصواب أن يردّ بعدم ثبوت فعل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا الوقت أوّلا ، وحصول التوقيف بالمطلقات ثانيا.
وقد يستند تحديدهم هذا إلى أخبار دلّت على أنّها مضيّقة بالنسبة إلى الظهر (١) ، ولا بدّ حينئذ من أن ينضبط آخره ، ولا ينضبط بقدر الفعل ولا بساعة ، فاستنبطوا ممّا دلّ من الأخبار على أنّ وقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر سائر الأيام هذا التحديد ؛ لأنّ نهاية أوّل وقت الظهر إنّما هو المثل ، فغاية ما يؤخّر المتنفّل الظهر أن يؤخّرها عن المثل في الغالب ، فإذا جعل ما بعد المثل وقت العصر دلّ على انتهاء وقت الجمعة حينئذ.
وضعفه ظاهر ؛ لمنع عدم الانضباط بقدر الفعل بأن يشرع في أوّل الوقت حتّى يتمّ ، ولو سلّم فما الضرر فيه ، ومنع دلالة جعل ما بعد المثل وقت العصر على انتهاء وقت الجمعة حينئذ ، فلعلّه ينتهي قبله بل أو بعده أيضا.
والثاني : مضيّ قدر الأذان والخطبتين والركعتين من أوّل الزوال ، بمعنى وجوب التلبس في أوّل الوقت وإن تفاوت آخره بالنسبة إلى بطء القراءة وسرعتها ، واختصار الخطبة والسورة والقنوت والأذكار وتطويلها. لا بمعنى أنّ الوقت بقدر ما يمكن من هذه الأمور ، حتّى جاز التأخير من أوّل الوقت والإتيان بأقلّ الواجب بعده. ولا بمعنى أنّ الوقت بقدر أقلّ الواجب منها ؛ لمخالفته الإجماع ، بل الضرورة.
وهو المحكيّ عن الحلبيّ وابن زهرة وظاهر المقنعة والإصباح والمهذّب (٢) ،
__________________
(١) انظر : الوسائل ٧ : ٣١٥ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٨.
(٢) الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥١ ـ ١٥٣ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٠ ، المقنعة :