وحمل الثلاثة الأولى على نفي التوظيف غير ضائر ، إذ يدلّ على أنّه لا صلاة موظّفة من الشارع مشروعة منه قبل صلاة العيد وبعدها ، أعمّ من أن يكون توظيفها بالخصوص أو بالعموم ، فلا تكون صلاة أصلا ، ولا تكون عمومات الصلوات من ذوي الأسباب وغيرها شاملة ليوم العيد.
إلاّ أن يكون مراده من التوظيف جعلها وظيفة هذا اليوم ، أو وظيفة قبل صلاة العيد أو بعدها ، حتّى يكون المعنى : لا صلاة قبل صلاة العيد من حيث إنّها قبلها.
وهذا وإن كان محتملا بحسب الظاهر إلاّ أنّه ينفيه قيد « ذلك اليوم » والتفريع بقوله « فإن كان » في الاولى ، ويتعيّن منهما التوظيف بمعنى التوقيف مطلقا ، فلا تكون صلاة موقّفة ومشروعة قبل صلاة العيد وبعدها إلى الزوال.
ولكن مقتضى ذلك عدم المشروعيّة ، فهو الأظهر ، كما هو مذهب جماعة من القدماء كما قيل (١) ، وهو ظاهر الكلينيّ (٢) ، والصدوق في ثواب الأعمال (٣) ، والمحكيّ عن ابني حمزة وزهرة والحلبيّ (٤).
واشتهار الكراهة بين المتأخّرين ـ المعتضد بالإجماع المنقول وأصل البراءة ـ لا يصلح لردّ الأخبار المعتبرة الموافقة لفتوى جمع من قدماء الطائفة.
ومعارضتها مع عمومات النوافل ذوات الأسباب إنّما هي بالعموم من وجه ، فيرجع في موضع التعارض إلى الأصل ، وهو معنا ، إذ مرادنا عدم ثبوت شرعيّتها دون تحريمها. والرجوع إلى عمومات الأمر بالصلاة مطلقا فاسد ، لأنّها أعمّ مطلقا من الأخبار المانعة فتخصّ بها قطعا. وتقديم التعارض مع الفرقة الأولى تحكّم.
__________________
(١) الرياض ١ : ١٩٧.
(٢) الكافي ٣ : ٤٥٩.
(٣) ثواب الأعمال : ٧٨.
(٤) ابن حمزة في الوسيلة : ١١١ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٢ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٥.