ثمَّ إنّ التقليب على الوجه المذكور يتوقّف على أحد القلبين : إمّا جعل الأسفل الأعلى ، أو الظاهر الباطن ، فيتخيّر بينهما. وأمّا جمع الثلاثة ـ كما في بعض كتب أصحابنا (١) ـ فغير ممكن ، ولعلّ مراده الجمع بالإتيان بهما معا ولو في زمانين ، تحصيلا للاحتمالين ، لا في آن واحد.
ثمَّ إنّ مقتضى إطلاق الموثّقة استحباب ذلك للإمام والمأموم كما نصّ عليه في الخلاف والمبسوط (٢) ، واختاره في الذكرى والبيان وروض الجنان والمسالك (٣).
خلافا لجماعة (٤) ، فخصّوه بالإمام ، وحكي عن الخلاف أيضا (٥) ، وهو خطأ (٦) ، لتقييد ما في الروايات به ، ووجوب حمل المطلق على المقيّد.
ويضعف : بأنّه إنّما هو مع التنافي ، ولا منافاة بين المطلق والمقيّد ، إلاّ على اعتبار مفهوم اللقب ، وهو ضعيف جدّا.
وهل يقلّب مرّة؟ كما هو ظاهر الأكثر ، للأصل والإطلاق.
أو مرّتين؟ كما احتمله بعضهم ، مرّة بعد السلام ، لصحيحة هشام (٧) ، واخرى بعد صعود المنبر ، لرواية مرّة ، والرضوي.
__________________
(١) الروضة ١ : ٣١٩.
(٢) الخلاف ١ : ٦٨٨ ، المبسوط ١ : ١٣٥ ، وانظر الهامش (٦).
(٣) الذكرى : ٢٥١ ، البيان : ٢١٩ ، روض الجنان : ٣٢٥ ، المسالك ١ : ٣٩.
(٤) كالمفيد في المقنعة : ٢٠٨ ، والديلمي في المراسم : ٨٣ ، والمحقق في الشرائع ١ : ١٠٩.
(٥) حكاه عنه في الحدائق ١٠ : ٤٨٩.
(٦) قال في الخلاف : تحويل الرداء يستحب للإمام ، سواء كان مقوّرا أو مربعا ، وبه قال مالك وأحمد.
وقال الشافعي : ان كان مقوّرا حوّله ، وإن كان مربّعا فيه قولان : أحدهما يحوّله والآخر يقلّبه.
ويفعل مثل ذلك المأموم. وقال محمّد : يقلّبه وحده دون المأموم. انتهى. والظاهر أنّ الماتن قد نظر إلى جملة : ويفعل مثل ذلك المأموم ، ولكنه من قول الشافعي ، ـ انظر : مغني المحتاج ١ : ٣٢٥ والامّ ١ : ٢٥١ ـ فتظهر صحّة ما حكي عن الخلاف من القول بالاختصاص.
(٧) المتقدمة في ص ٣٥٦.