الأردبيلي (١) ، والتوني ، فتردّدوا.
ويظهر أدلة هذه الأقوال ، وجوابها مما ذكر.
ثمَّ لا يخفى أنّ ما ذكرنا ـ من عدم جواز الجمعة في زمان الغيبة وحرمتها ـ إنّما هو إذا فعلت بدلا عن الظهر ، وأمّا بدون ذلك فهل يجوز فعلها أم لا؟.
صريح النافين لمطلق وجوبها : الثاني ؛ إذ عدم جوازها بدلا ليس إلاّ لعدم ثبوت توقيفها وتشريعها بدون الشرط ، فإنّ الجمعة الموقّفة هي التي تكون بدلا عن الظهر ، فتنتفي بانتفاء البدلية قطعا ، والعبادة إذا لم تكن موقّفة مشروعة كانت محرّمة ، لكونها تشريعا وإدخالا في الدين.
أقول : من الأمور الضرورية الثابتة بالأخبار المتواترة المنضمّة بالإجماع والاعتبار : مشروعية الاحتياط ، وثبوته ندبا من الشارع ، وتعلق التوقيف به.
ويلزمه كون كلّ ما كان من أفراد الاحتياط مشروعا ندبا موقّفا ، ولا شكّ أنّ الإتيان بالجمعة مع الظهر من أفراد الاحتياط ؛ لكونها مبرئة للذمّة قطعا ، وليس الاحتياط إلاّ ذلك ، فتثبت مشروعيّتها ندبا من الاحتياط ، فتكون بهذا القصد جائزة ومستحبة.
فإن قيل : فعلها أيضا يحتمل التشريع ، فيكون حراما ، فلا يكون موافقا للاحتياط.
قلنا : التشريع فعل شيء لم يثبت من الشرع ، وفعلها مع الظهر بهذا القصد ثابت بأدلّة الاحتياط ، فلا يكون تشريعا ، كما في سائر موارد الاحتياط ، فإنّها أيضا غير ثابتة من الشرع بخصوصها ، وإلاّ لم يكن احتياطا ، وثبوتها واستحبابها إنّما هو بمجرّد أدلّة الاحتياط.
والتوضيح : أنّ العبادة التي لم تثبت بخصوصها لا يمكن أن تفعل بقصد أنّها عبادة ثابتة بخصوصها ؛ لأنّ القصد ليس أمرا اختياريا ، فما لم تثبت لا يمكن ذلك القصد.
__________________
(١) مجمع الفائدة ٢ : ٣٦٣.