ولتعلّق الأمر في الآية بالسعي بالجميع ، وأقله ثلاثة ، والمنادي والإمام خارجان عنهم ، فأقله الخمسة.
وللمستفيضة من الأخبار ، كصحيحة منصور ، وصحيحة زرارة المشتملة على خمسة رهط : الإمام وأربعة ، وموثّقة البقباق ، المتقدمة كلها (١).
وموثقة ابن أبي يعفور : « لا تكون جمعة ما لم يكن القوم خمسة » (٢).
والمروي في رجال الكشي بسنده المتصل عن النبي : « إذا اجتمع خمسة أحدهم الإمام فلهم أن يجمعوا » (٣).
وضعف الكل ظاهر ؛ لاندفاع الأصل بما مر ، ولخلوّ الجميع عن الدالّ على الوجوب جدا ، غايتها الرجحان كما هو الثابت من الجملة الخبرية ، مع أنّ دلالة الثانية ليست إلاّ بمفهوم ضعيف غايته ، والأخيرتين لا تدلاّن إلاّ على أنّ مع الخمسة تكون الجمعة ، أولهم التجميع ، وأين هما من احتمال الوجوب؟!.
ثمَّ لو دلّ بعضها على الوجوب العيني بالخمسة لتعارض مع ما ذكرنا ، وكان المرجع أيضا التخيير ؛ لأنّه المرجع عند التعارض مهما أمكن ، سيّما مع وجود الشاهد له وهو صحيحة زرارة المذكورة (٤).
ثمَّ إن هذا الشرط يختص بالابتداء دون الاستدامة ، بلا خلاف ظاهر بيننا ، كما صرّح به غير واحد منّا (٥) ، بل عن الشيخ جعله قضية المذهب (٦).
فلو نقص العدد بعد الدخول في الصلاة ولو بالتكبيرة لم يسقط الوجوب ، بل يتمّها الباقي إماما كان أو مأموما أو كليهما ؛ لاستصحاب الصحة الخالي عن
__________________
(١) راجع ص ٢٢ و ٢٣ و ٣٨.
(٢) التهذيب ٣ : ٢٣٩ ـ ٦٣٧ ، الاستبصار ١ : ٤١٩ ـ ١٦١١ ، الوسائل ٧ : ٣٠٥ أبواب صلاة الجمعة ب ٢ ح ٨.
(٣) رجال الكشي ١ : ٣٨٩ ـ ٢٧٩ ، الوسائل ٧ : ٣٠٦ أبواب صلاة الجمعة ب ٢ ح ١١.
(٤) في ص ٦١
(٥) انظر : المدارك ٤ : ٢٩ ، والحدائق ١٠ : ٧٧ ، والرياض ١ : ١٨٥.
(٦) الخلاف ١ : ٦٠٠.