مع أنه لم يستوف كل شيء ، وإنما اكتفى بذكر بعض منهم .. وكذلك إلى ما ذكره ابن الساعي في مختصر أخبار الخلفاء ص ٢٦ ، وغيرها. وغير ذلك من كتب التاريخ والرواية ، ليعلم مقدار الظلم والعسف الذي حاق بأبناء علي ، وشيعتهم في تلك الحقبة من الزمن ..
وحسبنا هنا بعد كل الذي قدمناه ، أن نذكر فقرات من رسالة أبي بكر الخوارزمي ، التي أرسلها إلى أهل نيشابور ، يقول أبو بكر ، بعد أن ذكر كثيرا من الطالبيين ، الذين قتلهم الامويون ، والعباسيون ـ ومنهم الرضا الذي سم بيد المأمون ـ :
« فلما انتهكوا ذلك الحريم ، واقترفوا ذلك الاثم العظيم ، غضب الله عليهم ، وانتزع الملك منهم ، فبعث عليهم « أبا مجرم » ، لا أبا مسلم ، فنظر لانظر الله إليه إلى صلابة العلوية ، وإلى لين العباسية ، فترك تقاه ، واتبع هواه ، وباع آخرته بدنياه ، بقتله عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. وسلط طواغيت خراسان ، واكراد أصفهان ، وخوارج سجستان على آل أبي طالب ، يقتلهم تحت كل حجر ومدر ، ويطلبهم في كل سهل وجبل ، حتى سلط عليه أحب الناس إليه ، فقتله كما قتل الناس في طاعته ، وأخذه بما أخذ الناس في بيعته ، ولم ينفعه : أن أسخط الله برضاه ، وأن ركب ما لا يهواه. وخلت من الدوانيقي (١) الدنيا ، فخبط فيها عسفا ، وتقضى فيها جورا وحيفا. وقد امتلأت سجونه بأهل بيت الرسالة ، ومعدن الطيب والطهارة ، قد تتبع غائبهم ، وتلقط حاضرهم ، حتى قتل عبد الله بن محمد بن عبد الله الحسني بالسند ، على يد عمر بن هشام الثعلبي ، فما ظنك بمن قرب متناوله عليه ، ولان مسه على يديه.
__________________
(١) في مجمع الفوائد : « وخلت إلى الدوانيقي » ولعله هو الصواب.