وزراء العباسيين ، وقوادهم ، بل وحتى نساء الخلفاء أنفسهم ..
فهذه أم الخليفة المهدي تقيم خادما لقبر الحسين (ع) ، وتجري عليه كل شهر ثلاثين درهما ، دون أن يعلم بها أحد (٢).
وهذه بنت عم المأمون ، التي كان لها نفوذ قوي عنده ، يذكر المؤرخون أنها كانت تميل إلى الإمام الرضا (ع) ..
بل وحتى « زبيدة » ، زوجة الرشيد ، وحفيدة المنصور ، وأعظم عباسية على الاطلاق ، يقال : إنها كانت تتشيع ، وعند ما علم الرشيد بذلك حلف أن يطلقها (٣) .. ولعل لهذا السبب أحرق أهل السنة قبرها مع ما أحرقوا من قبور بني بويه وقبر الكاظم (ع) وذلك عند ما وقعت الفتنة العظيمة بين السنة والشيعة سنة ٤٤٣ ه (٤)
وأما وزراء العباسيين ، فأمرهم أظهر من أن يحتاج الى بيان ، فإن التاريخ يحدثنا : أن العباسيين ، ابتداء من السفاح ، كانوا غالبا يبطشون بوزرائهم ؛ بسبب اطلاعهم على تشيعهم ، وممالأتهم للعلويين. ابتداء بأبي سلمة ، فأبي مسلم ، فيعقوب بن داوود .. وهكذا الى أن ينتهي الأمر بالفضل بن سهل ، وغيره من بعده ، بل وحتى نكبة البرامكة يقال : إنّ سببها هو تشيعهم للعلويين!! وان كان يقال : إن الرضا عليهالسلام دعا عليهم ، لأنّهم كانوا سبب قتل أبيه ..
إلا إذا كان تظاهرهم بمحبة العلويين مجاراة للرأي العام ، وسياسة منهم ؛ فاستغل ذلك الرشيد ضدهم نعم .. لقد بلغ الامر حدا اصبح معه :
__________________
(١) كلمة « التشيع » التي ترد في هذا الكتاب ، لا أقصد بها غالبا ـ التشيع بمفهومه الأخص والمذهب المعروف ، وإنما أقصد بها مجرد الولاء والحب للعلويين ، وتأييدهم ضد خصومهم ، سواء أكان ذلك من الشيعة بالمعنى المعروف ، أو من غيرهم من أهل الفرق الإسلامية الاخرى.
(٢) الطبري ج ١١ / ٧٥٢ ، طبع ليدن ..
(٣) ذكر ذلك الصدوق في المجالس ؛ فراجع : رجال المامقاني ، مادة : « زبيدة ».
(٤) الكنى والألقاب ج ٢ / ٢٨٩ نقلا عن ابن شحنة في روضة المناظر.