مل العباسيون الفرس ، وخافوهم ؛ ولذا سرعان ما استبدلوهم بالأتراك وغيرهم ..
أما أم المأمون .. فقد كانت خراسانية غير عربية ، وقد ماتت أيام نفاسها به ، وحتى لو كانت على قيد الحياة ، فإنها ـ وهي أشوه ، وأقبح ، وأقذر جارية في مطبخ الرشيد ـ لن تستطيع أن تكون مثل زبيدة عظمة ، ونفوذا ولو قلنا إن موتها كان في مصلحة المأمون لما عدونا الحقيقة ؛ كيف وقد بلغ من مهانتها ـ في نظر الناس ـ أن كان المأمون يعير بها ..
فهذه زينب بنت سليمان ، التي كانت عند بني العباس بمنزلة عظيمة ، عند ما لم يحضر المأمون جنازة ابنها ، واكتفى بارسال أخيه صالح من قبله ، تغضب ، وتقول لصالح : « قل له : يا ابن مراجل ، أما لو كان يحيى بن الحسين بن زيد ، لوضعت ذيلك على فيك ، وعدوت خلف جنازته .. » (١).
والرقاشي الشاعر يمدح الأمين ، ويعرض بهجاء المأمون ، فيقول :
لم تلـده أمـة تعرف في الـسوق التجارا
لا ولا حد ، ولا خان ، ولا في الخزي جارا (٢)
يعرض بالمأمون ، وأن أمه كانت أمة تباع ، وتشرى في الأسواق ..
بل إن نفس الأمين قد عير أخاه بأمه ، فقال :
وإذا تطاولت
الرجال بفضلها |
|
فاربع فانك لست
بالمتطاول |
__________________
(١) الكامل لابن الأثير ، طبع دار الكتاب العربي ج ٥ ص ٢٣٠ ، والامام الصادق والمذاهب الأربعة المجلد الثاني جزء ٤ ص ٤٩٣.
(٢) المعارف لابن قتيبة ، طبع سنة ١٣٠٠ ، والفخري في الآداب السلطانية ص ٢١٢.