مواليه وغلمانه في أعماله ، وصرفهم في مهماته ، وقدمهم على العرب ؛ فامتثل ذلك الخلفاء من بعده ، من ولده ، فسقطت ، وبادت العرب ، وزالت رئاستها ، وذهبت مراتبها .. » (١).
وقال ابن حزم ، وهو يتحدث عن العباسيين : « .. فكانت دولتهم أعجمية ، سقطت فيها دواوين العرب ، وغلبت عجم خراسان على الأمر ، وعاد الأمر كسرويا ، إلا أنهم لم يعلنوا بسبب أحد من الصحابة رضوان الله عليهم .. وافترقت في دولة بني العباس كلمة المسلمين (٢) .. ».
ويقول الجاحظ : « .. دولة بني العباس أعجمية ، خراسانية ، ودولة بني مروان عربية (٣) .. ».
إلى آخر ما هنالك ، مما يدل على سقوط العرب في تلك الفترة ، وامتهانهم. ويبدو أن ذلك من المسلمات. وقد استوفى الباحثون ـ ومنهم أحمد أمين ، في الجزء الأول من ضحى الاسلام ـ البحث في هذا الموضوع ؛ فمن أراد فليراجع مظان وجوده ..
وإذا ما عرفنا : أن من الطبيعي أن يكون ذهاب رئاسة العرب ، وإبادتها ، واضطهادها على يد الفرس ، الذين كانوا هم أصحاب القدرة والسلطان آنذاك .. فلسوف نجد أن من الطبيعي أن يحقد العرب ، الذين كانوا في وقت ما هم أصحاب الجبروت والقوة ، على الفرس ، وعلى كل من يتصل بهم ، ويمت إليهم بسبب ؛ من قريب أو من بعيد ..
__________________
(١) مروج الذهب ، طبع بيروت ج ٤ ص ٢٢٣ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٢٤ ، وص ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، وص ٢٥٨ ، وفي طبيعة الدعوة العباسية ص ٢٧٩ ، نقلا عن المقريزي في : السلوك لمعرفة دول الملوك ج ١ ص ١٤ مثل ذلك. وليراجع أيضا كتاب : مشاكلة الناس لزمانهم لليعقوبي ص ٢٣.
(٢) البيان المغرب ، طبع صادر ص ٧١.
(٣) البيان والتبيين ج ٣ ص ٣٦٦.