أرسل إلى ابراهيم بن المهدي يعنفه ويلومه على أنه أسف على قتل الأمين ، ورثاه (١)!!
فما ذا ننتظر بعد هذا كله ، وبعد ما قدمناه : أن يكون موقف العباسيين ، والعرب ، بل وسائر الناس منه ..
إن أيسر ما نستطيع أن نقوله هنا هو : أنه كان لقتله أخاه ، وفعاله الشائنة تلك .. أثر سيّئ على سمعته ، ومن أسباب زعزعة ثقة الناس ، به ، وتأكيد نفورهم منه ، سواء في ذلك العرب ، أو غيرهم ..
وقد استمر ذلك الأثر أعواما كثيرة ، حتى بعد أن هدأت ثائرة الناس ، ورجع إلى بغداد ..
فقد جلس مرة يستاك على دجلة ، من وراء ستر ؛ فمر ملاح ، وهو يقول : « أتظنون أن هذا المأمون ينبل في عيني ، وقد قتل أخاه؟! ».
قال : فسمعه المأمون ؛ فما زاد على أن تبسم ، وقال لجلسائه :
« ما الحيلة عندكم ، حتى أنبل في عين هذا الرجل الجليل .. » (٢).
وقال له الفضل بن سهل ، عند ما عزم على الذهاب إلى بغداد :
« ما هذا بصواب ؛ قتلت بالأمس أخاك ، وأزلت الخلافة عنه ، وبنو أبيك معادون لك ؛ وأهل بيتك والعرب .. إلى أن قال : والرأي ،
__________________
(١) البداية والنهاية ج ١٠ ص ٤٤٣.
(٢) تاريخ بغداد ج ١٠ ص ١٨٩ ، والبداية والنهاية ج ١٠ ص ٢٧٧ ، وتاريخ الخلفاء ص ٣٢٠ ، وروض الأخيار في منتخب ربيع الأبرار ص ١٨٦ ، وفوات الوفيات ج ١ ص ٢٤٠.