الحجاج ، فكيف بالسلف الطيب ، فاستمع إليه يقول ، على ما يرويه لنا البيهقي ، والظاهر انها جواب على ابيات ابن شكلة لانها على نفس الروي ، والوزن ، والموضوع ـ يقول المأمون :
ومن غاو يغص علي
غيظا |
|
إذا أدنيت أولاد
الوصيّ |
يحاول أن نور
الله يطفى |
|
ونور الله في
حصن أبيّ |
فقلت : أليس قد
أوتيت علما |
|
وبان لك الرشيد
من الغوي |
وعرفت احتجاجي
بالمثاني |
|
وبالمعقول
والأثر الجلي (١) |
بأية خلة ، وبأي
معنى |
|
تفضل « ملحدين »
على « عليّ » |
علي أعظم
الثقلين حقا |
|
وأفضلهم سوى حق
النبيّ (٢) |
بل وزاد على ذلك وضرب العقيدة التي تقدم أن العباسيين قد اتوا بها لمقابلة العلويين وروجوا لها من أن الحق كان للعباس ، وانه أجاز عليا ، فصحت خلافته وذلك بأن اظهر تقديم علي على العباس فقد قال السندي بن شاهك للفضل بن الربيع يوما عن المأمون :
« سمعته اليوم قدم علي بن أبي طالب على العباس بن عبد المطلب ، وما ظننت أني أعيش حتى اسمع عباسيا يقول هذا ، فقال الفضل له : تعجب من هذا؟ هذا والله كان قول أبيه قبله » (٣). ولكن الظاهر : أن أباه كان يكتم ذلك حتى خفي على مثل السندي المقرب ، لكن الآن قد اضطرت السياسة المأمون إلى الجهر بذلك ، وإظهاره.
وهكذا .. فإن المأمون لم يكن يرى أن بين كل تصرفاته المتقدمة أي تناقض ، أو منافاة ، بل كانت كلها في نظره صحيحة ، ومنطقية ؛ لأنها كانت في ظروف مختلفة ، وكان لا بد له من مسايرة تلك
__________________
(١) القوي خ ل.
(٢) المحاسن والمساوي ، طبع دار صادر ص ٦٨. وطبع مصر ج ١ / ١٠٥.
(٣) كتاب بغداد ص ٧.