وكذلك هو يقول ـ وهو مهم فيما نحن بصدده ـ : « .. إن الرضا لم يكن بعد توليته العهد إمام الشيعة وحدهم ، وإنما مرّ بنا : أن الناس ، حتى أهل السنة ، والزيدية ، وسائر الطوائف الشيعية المتناحرة .. قد اجتمعت على إمامته ، واتباعه ، والالتفاف حوله .. » (١).
وهذا كما ترى تصريح واضح منه بهدف المأمون ، الذي نحن بصدد بيانه ..
ويقول محمد بن طلحة الشافعي مشيرا إلى ذلك ، في معرض حديثه عن الإمام الرضا (ع) : « .. نما إيمانه ، وعلا شأنه ، وارتفع مكانه ، وكثر أعوانه ، وظهر برهانه ، حتى أحله الخليفة المأمون محل مهجته ، وأشركه في مملكته .. » (٢).
وتقدم أنه (ع) كان ـ باعتراف المأمون ـ « الأرضى في الخاصة ، والعامة .. » وأن كتبه كانت تنفذ في المشرق والمغرب ، حتى إن البيعة له بولاية العهد ، لم تزده في النعمة شيئا .. وأنه كان له من قوة الشخصية ما دفع أحد أعدائه لأن يقول في حقه للمأمون : « هذا الذي بجنبك والله صنم يعبد دون الله » إلى آخر ما هنالك ، مما قدمنا « غيضا من فيض منه ».
كما وتقدم أيضا قول المأمون في رسالته للعباسيين : « .. وإن تزعموا : أني أردت أن يؤول إليهم عاقبة ومنفعة ( يعني للعلويين ) ؛ فإنى في تدبيركم ، والنظر لكم ، ولعقبكم ، وأبنائكم من بعدكم .. » ، وأيضا عبارته التي كتبها المأمون بخط يده في وثيقة العهد ؛ فلا نعيد ..
وهكذا .. فما على العباسيين إلا أن ينعموا بالا ، ويقروا عينا ؛ فإن المأمون كان يدبر الأمر لصالحهم ومن أجلهم .. وليس كما يقوله
__________________
(١) المصدر السابق ص ٢٥٦.
(٢) مطالب السئول ص ٨٤ ، ٨٥ ، وقريب منه ما في : الاتحاف بحب الأشراف ص ٥٨.