ونمت بعد الحالة التي خلفتها الحرب بينه وبين أخيه ـ ويوظف ذلك في صالحه هو ، وصالح الحكم العباسي بشكل عام ..
أي أنه : كان يهدف من وراء لعبته تلك ، والتي كان يحسب أنها سوف تكون رابحة جدا ـ إلى أن يحصل على قاعدة شعبية ، واسعة ، وقوية. حيث كان يعتقد ويقدر : أن نظام حكمه سوف ينال من التأييد ، والقوة ، والنفوذ ، بمقدار ما كان لتلك الشخصية من التأييد ، والنفوذ والقوة .. وإذا ما استطاع في نهاية الأمر أن يقضي عليها ، فإنه يكون قد امن خطرا عظيما ، كان يتهدده من قبلها ، بمقدار ما كان لها من العظمة والخطر ..
إن المأمون قد اختار لولاية عهده رجلا يحظى بالاحترام والتقدير من جميع الفئات والطبقات ، وله من النفوذ ، والكلمة المسموعة ، ما لم يكن لكل أحد سواه في ذلك الحين. بل لقد كان الكثيرون يرون : أن الخلافة حق له ، وينظرون الى الهيئة الحاكمة على أنها ظالمة له وغاصبة لذلك الحق :
يقول الدكتور الشيبي ، وهو يتحدث عن الرضا (ع) : « إن المأمون جعله ولي عهده ، لمحاولة تألف قلوب الناس ضد قومه العباسيين ، الذين حاربوه ، ونصروا أخاه (١) .. ».
ويقول : « .. وقد كان الرضا من قوة الشخصية ، وسمو المكانة : أن التف حوله المرجئة ، وأهل الحديث ، والزيدية ، ثم عادوا إلى مذاهبهم بعد موته .. » (٢).
__________________
(١) الصلة بين التصوف والتشيع ص ٢٢٣ ، ٢٢٤ .. ونحن لا نوافق الدكتور الشيبي على أنه كان يريد التقوي بذلك على العباسيين ، كما اتضح ، وسيتضح إن شاء الله ..
(٢) المصدر السابق ص ٢١٤.