أن يقضي على الزيدية ، ويكسر شوكتهم بالبيعة للامام الرضا (ع) بولاية العهد ؛ ولهذا نرى أنه قد طبق اللقب ، الذي طالما دعا إليه الزيدية ، واعترف به العباسيون ، بل ودعوا إليه في بدء دعوتهم ودولتهم ، ألا وهو لقب : « الرضا من آل محمد » ، طبقه على علي ابن موسى (ع) ؛ فسماه : « الرضا من آل محمد » (١). فأصبحت بذلك حجته قوية على الزيدية ، بل لم يعد لهم حجة أصلا. وأصبح يستطيع أن ينام قرير العين ، إذ قد أصبح « الرضا من آل محمد » موجودا ، فالدعوة إلى غيره ستكون لا معنى لها البتة. ولسوف تكون مرفوضة من الناس جملة وتفصيلا. وكان ذلك بطبيعة الحال السبب الرئيسي في إضعاف الزيدية ، وكسر شوكتهم ، وشلّ حركتهم ..
والذي ساهم إلى حد كبير في اضعافهم ، وشل حركتهم ، هو اختياره الإمام (ع) بالذات ، حيث إنه الرجل الذي لا يمكن لأحد كائنا من كان أن ينكر فضله ، وعلمه ، وتقواه ، وسائر صفاته ومزاياه ، التي لم تكن لأحد في زمانه على الاطلاق ، فليس لهم بعد طريق للاعتراض عليه : بأن الذي اختاره لولاية عهده ، والخلافة من بعده ، ليس أهلا
__________________
(١) راجع : الفخري في الآداب السلطانية ، ص ٢١٧ ، وضحى الاسلام ج ٣ ص ٢٩٤ ، والبداية والنهاية ج ١٠ ص ٢٤٧ ، والطبري ، وابن الأثير ، والقلقشندي ، وأبو الفرج ، والمفيد وكل من تعرض من المؤرخين لولاية العهد .. بل لقد صرح نفس المأمون بذلك في وثيقة ولاية العهد ، وهذا يكفي في المقام .. ولقد قال دعبل :
أيا عجبا منهم يسمونك الرضا |
|
ويلقاك منهم كلحة وغضون |
وهناك نصوص اخرى مفادها : أنه سمي الرضا ؛ لرضا أعدائه ، وأوليائه به. وعزا الشيبي في كتابه : الصلة بين التصوف والتشيع ص ١٣٨ : ـ عزا ـ رضا أعدائه به إلى قوة شخصيته عليهالسلام .. أما نحن فنقول : إنه ليس من اليسير أبدا ، أن تنال شخصية رضا كل أحد ، حتى أعدائها .. اللهم إلا إذا كان هناك سر إلهي ، اختصت به تلك الشخصية ، دون غيرها من سائر بني الانسان ..