__________________
« أما بعد .. فانه قد كان من أمر علي وطلحة والزبير ما قد بلغك ؛ فقد سقط إلينا مروان في رافضة أهل البصرة الخ .. ». ومثل ذلك ما في وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص ٣٤. فالمراد بكلمة رافضة هنا هو ذلك المعنى اللغوي الذي أشرنا إليه ؛ فسمي الشيعة بالرافضة ؛ لأنهم ـ كما قلنا ـ رفضوا الانقياد لأولئك الحكام المتغلبين .. يقول السيد الحميري على ما جاء في ديوانه وغيره ـ يهجو بعض من اتهمه بالرفض ليقتله المنصور :
أبوك ابن سارق عنز النبي |
|
وأمك بنت أبي جحدر |
ونحن على رغمك الرافضو |
|
ن لأهل الضلالة والمنكر |
ولكن قد جاء في الطبري ، مطبعة الاستقامة ج ٦ ص ٤٩٨ ، والبداية والنهاية ج ٩ ص ٣٣٠ ، ومقدمة ابن خلدون ص ١٩٨ ، ومقالات الاسلاميين ج ١ ص ١٣٠ ، وغاية الاختصار ص ١٣٤ : أن سبب تسمية الشيعة بـ « الرافضة » هو أنهم عند ما تركوا نصرة زيد بن علي في سنة ١٢٢ ه. قال لهم زيد : رفضتموني ، رفضكم الله. وهذا كذب راج على بعض الشيعة أيضا حيث ذكروا وذكر الطبري في نفس الصفحة المشار إليها آنفا : أن التسمية كانت من المغيرة بن سعيد ، لما رفضته الشيعة .. وكانت قضيته سنة ١١٩ ه.
ولكن الحقيقة هي أن التسمية بالرافضة كانت قبل سنتي ١٢٢ ه. و ١١٩ ه. فقد جاء في المحاسن للبرقي ص ١١٩ طبع النجف ، باب الرافضة : أن الشيعة كانوا يشكون إلى الباقر المتوفى سنة ١١٤ أن الولاة قد استحلوا دماءهم وأموالهم باسم : « الرافضة » الخ .. وجاء في ميزان الاعتدال طبع سنة ١٩٦٣ م. ج ٢ ص ٥٨٤ بعد ذكره لاسناد طويل أن الشعبي المتوفى سنة ١٠٤ ه. قال لأحدهم : « ائتني بشيعي صغير ، اخرج لك منه رافضيا كبيرا » ..
وفي كتاب : روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار ص ٤٠ ، أن الشعبي قال : « أحبب آل محمد ولا تكن رافضيا ، وأثبت وعيد الله ، ولا تكن مرجئيا .. ». بل لدينا ما يدل على أن تسمية الشيعة بـ « الرافضة » كان قبل سنة المائة ؛ فقد جاء في المحاسن والمساوي للبيهقي ص ٢١٢ ، طبع دار صادر وأمالي السيد المرتضى ج ١ ص ٦٨ هامش : أنه لما أنشد الفرزدق أبياته المشهورة في الامام زين العابدين ، المتوفى سنة ٩٥ ه قال عبد الملك بن مروان المتوفى سنة ٨٦ ه للفرزدق : « أرافضي أنت يا فرزدق؟! ». وعلى كل حال : فان ذلك كله قد كان قبل قضيتي زيد والمغيرة ابن سعيد بزمان بعيد ..