فلسوف ينهار حكمه وسلطانه أمام أول عاصفة تواجهه ، ولن يستطيع أن يبقى محتفظا بوجوده في الحكم ، أو على الأقل بمركز يخوله أن يفرض الحكم الذي يريد على المجتمع ، بجميع فئاته ، ومختلف طبقاته ..
إلا أن يكون حاكما مطلقا ، لا تحد سلطته حدود ، ولا تقيدها قيود ، وأنى له بذلك.
وبعد كل ما تقدم ؛ فان النتيجة تكون ، أن الامام (ع) ، وإن كان يمتلك القدرة على الاصلاح ، لكن الامة لم تكن لتتحمل مثل هذا الإصلاح ، خصوصا وأن الحكام ـ بوحي من مصالحهم الخاصة ـ كانوا قد أدخلوا في أذهان الناس صورا خاطئة عن الحكم ، وعن الحكام ، الذين يفترض فيهم ان يقودوا الامة في مسيرها إلى مصيرها ..
هذا كله .. لو فرض ـ جدلا ـ سكوت العباسيين والمأمون عنه ، مع أن من المؤكد أنهم سوف يعملون بكل ما لديهم من قوة وحول ، من أجل تقويض حكمه ، وزعزعة سلطانه ..
وإذا كان يستحيل على الإمام (ع) ، في تلك الفترة على الأقل : أن يتسلم زمام السلطة إلا أن يكون حاكما مطلقا كما قدمنا .. فمن الواضح أن سؤالا من هذا النوع لا مجال له بعد. ولن يكون في تجشم الاجابة عليه كبير فائدة ، أو جليل أثر.
ولكن .. مع ذلك ، وحتى لا نفرض على القارئ وجهة نظر معينة ؛ إذ قد يرى أن من حقه أن يفترض ـ وإن أبى واقع الأحداث مثل هذا الافتراض ـ أنه كان على الإمام (ع) : أن يجاري ، ويداري في بادئ الأمر ؛ من أجل الوصول إلى أهداف فيها خير الامة ومصلحتها ؛ من أجل ذلك .. نرى لزاما علينا أن نجاريه في هذا الافتراض ، ونتجه إلى الإجابة على ذلك السؤال بنحو آخر ؛ فنقول :
وثانيا : إنه إذا كان المأمون في تلك الفترة هو الذي يمتلك القدرة والسلطان .. وإذا كانت كل أسباب القوة والمنعة متوفرة لديه بالفعل ؛