وهذا يدل دلالة واضحة على أن عبد الله بن معاوية كان يظن أن أبا مسلم سوف ينصره ، وأنه ـ يعني أبا مسلم ـ كان يدعو إلى أهل البيت ، والرضا من آل محمد على الحقيقة ، ولم يخطر في باله : أن الدعوة كانت للعباسيين ، وبتدبير من أعظم داهية فيهم!! ..
بل لعلنا نستطيع أن نقول : إن محمد بن علي قد استطاع أن يخفي هذا الأمر حتى عن ولديه : السفاح ، والمنصور ، ولذا نراهما قد التحقا مع جميع بني هاشم العباسيين والعلويين على حد سواء ، وبعض الأمويين (١) ووجوه قريش بعبد الله بن معاوية الخارج سنة ١٢٧ ه. في الكوفة ، ثم في شيراز ؛ حيث تغلب على : فارس ، وكورها ، وعلى حلوان ، وقومس ، واصبهان ، والري وعلى مياه الكوفة ، وعلى مياه البصرة ، وعلى همدان ، وقم ، واصطخر ، وعظم أمره جدا (٢).
وقد تولى المنصور من قبل عبد الله بن معاوية هذا على « إيذج » (٣) كما تولى غيره غير ذلك من الأمصار .. فقبول المنصور لولاية « إيذج » من قبله ، باعتباره من الهاشمين يكشف عن أنه لم يكن يعلم : أن والده كان ابتداء من سنة مائة ، أي قبل خروج عبد الله بن معاوية بـ (٢٨) سنة يسعى جاهدا ، ويشقى ويتعب في تدبير الامر للعباسيين ، وتركيز الدعوة لهم .. وانما كان يعلم أن الدعوة كانت لأهل البيت ، والرضا من
__________________
(١) الأغاني ج ١١ ص ٧٤ ، ومقاتل الطالبيين ص ١٦٧ ، والوزراء والكتاب ص ٩٨.
(٢) راجع أنساب الأشراف ص ٦٣ ، والأغاني ج ١١ ص ٧٤ ، ومقاتل الطالبيين ص ١٦٧ ، والبداية والنهاية ج ١٠ ص ٢٥ ، ٢٦ ، وص ٣ ، وعمدة الطالب ، وزاد في تاريخ الجنس العربي : المدائن ، ونيسابور ..
(٣) أنساب الأشراف للبلاذري ص ٦٣ ، وعمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب طبع بمبئي ص ٢٢ ، والوزراء والكتاب ص ٩٨ و ٩٩ ، وفرج المهموم في تاريخ علماء النجوم ص ٢١٠. وفيه : أن سليمان بن حبيب بن المهلب أخذه ؛ فحبسه ، وأراد قتله ، فسلم المنصور منه بعد أن أشرف على القتل .. وليراجع الجهشياري أيضا.