ويعلنها على الناس جميعا ، ويشهّر بالإمام (ع) ؛ ليسقطه ـ ومن ثم .. يسقط العلويين كلهم من أعين الناس .. ويسلبهم وإلى الابد السلاح الذي كانوا يحاربونه ويحاربون آباءه به .. مع أن ذلك هو ما كان يبحث عنه المأمون ليل نهار ، ويدبر المكايد ، ويعمل الحيل ، من أجله ، وفي سبيله ..
وعدا عن ذلك كله .. كيف يمكن أن تنسجم هذه الرواية مع مواقف الإمام ، وتصريحاته المتكررة حول مسألة الامامة ، وبأي شيء تثبت ، وحول أوصاف الإمام ووظائفه ، والتي لو أردنا استقصاءها لاحتجنا إلى عشرات الصفحات؟!!.
وكذلك .. مع احتجاج الإمام (ع) على العلماء والمأمون في اكثر من مناسبة بالنص ، وأيضا مع موقفه (ع) في نيشابور؟!
اللهم إلا أن يكون أعلم أهل الأرض ـ باعتراف المأمون قد نسي حجته ، وحجة آبائه ، وكل من ينتسب إليهم ، ويذهب مذهبهم .. تلك الحجة ـ التي عرفوا وكل المتشيعين لهم بها على مدى الزمان ـ نسيها ـ في تلك اللحظة فقط ؛ لأن المأمون هو الذي يسأل ، والرضا هو الذي يجيب!!!.
وبعد ؛ فهل يستطيع أن يشك في ذلك أحد .. وهو يرى رسالة الرضا ، التي كتبها للمأمون تلبية لطلبه ، وجمع له بها أصول الاسلام ، والتي صرح فيها بالنص على علي (ع). بل وذكر فيها الائمة الاثني عشر ، الذين نص عليهم النبي (ص) كلهم بأسمائهم ، حتى من لم يكن قد ولد بعد منهم؟!. وهذه الرسالة مشهورة وقد أوردها واستشهد بها غير واحد من المؤرخين والباحثين (١) ..
__________________
(١) وكان آخرهم الدكتور أحمد محمود صبحي في كتابه : نظرية الامامة ص ٣٨٨ ، وقال : إنها من المخطوطات الموجودة في دار الكتب المصرية تحت رقم ١٢٥٨.