وتلفت ، وافتقرت .. ، من العلويين ، على يد بني العباس ، الذين فعلوا بهم ، أكثر من فعل بني أميّة معهم ، حسبما قدمنا ..
وتعهده والتزامه بأن يعمل في المسلمين عامة ، وفي بني العباس خاصة ، بطاعة الله ، وسنة رسوله .. هو التزام بنفس الخط الذي التزم به علي (ع) ، وتعهد بانتهاجه. الأمر الذي كان سببا في ابعاده عن الخلافة في الشورى ، واضطلاع عثمان بها. بل كان ذلك هو السبب في ابعاده عنها ، بالنسبة لما قبل ذلك أيضا ، وما جرى بعده.
وعليّ (ع) هو نفس ذلك الذي استشهد به آنفا ، وبيّن أنه صبر على الفلتات ، ولم يعترض على العزمات خوفا من شتات الدين إلخ ..
والالتزام بخط علي (ع) لن يرضي المأمون ، والعباسيين ، والهيئة الحاكمة. ولن يكون في مصلحتهم ، حسبما المحنا إليه في فصل : جدية عرض الخلافة ..
كما أننا لا نستبعد كثيرا : أنه (ع) يريد أن ينبه على مدى التفاوت بين المنطلقات لسياسات أهل البيت ، ومنطلقات سياسات خصومهم ، التي عرفت جانبا منها في القسم الأول من هذا الكتاب ..
ومن هنا نعرف السر في قوله (ع) : « .. وأن أتخير الكفاة جهدي وطاقتي .. ». فإنه إشارة إلى أنه (ع) سوف ينطلق في كل نصب وعزل ـ تماما كالإمام علي (ع) ـ من مصلحة الامة ، وعلى وفق رضا الله ، وتعاليم رسوله. لا من مصالح شخصية ، أو اعتبارات سياسية ، أو قبلية ، أو غير ذلك من الاعتبارات ، التي لا يعترف بها الاسلام ، ولا يقيم لها وزنا ..
وإذا ما قرأنا قوله (ع) : « .. وإن أحدثت ، أو غيرت ، أو بدلت ، كنت للغير مستحقا ، وللنكال متعرضا ، وأعوذ بالله من سخطه إلخ .. ».