فلما طلعت الشمس قام الرضا (ع) فاغتسل ، وتعمم بعمامة بيضاء من قطن ، والقى طرفا منها على صدره ، وطرفا بين كتفيه ، ومس شيئا من الطيب ، وتشمر. ثم قال لجميع مواليه : افعلوا مثل ما فعلت ..
ثم أخذ بيده عكازة ، وخرج ، ونحن بين يديه ، وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق ، وعليه ثياب مشمرة ..
فلما قام ، ومشينا بين يديه ، رفع رأسه إلى السماء ، وكبر أربع تكبيرات ؛ فخيل إلينا : أن الهواء والحيطان تجاوبه. والقواد والناس على الباب ، قد تزينوا ، ولبسوا السلاح ، وتهيئوا بأحسن هيئة ..
فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة : حفاة ، قد تشمرنا. وطلع الرضا ووقف وقفة على الباب ، وقال : « .. الله اكبر ، الله اكبر على ما هدانا ، الله اكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام ، والحمد لله على ما أبلانا ». ورفع بذلك صوته ، ورفعنا أصواتنا ..
فتزعزعت مرو بالبكاء ، فقالها : ثلاث مرات ؛ فلما رآه القواد والجند على تلك الصورة ، وسمعوا تكبيره سقطوا كلهم عن الدواب إلى الأرض ، ورموا بخفافهم ، وكان أحسنهم حالا من كان معه سكين قطع بها شرابة جاجيلته ونزعها ، وتحفى .. وصارت مرو ضجة واحدة ، ولم يتمالك الناس من البكاء والضجة.
فكان أبو الحسن يمشي ، ويقف في كل عشر خطوات وقفة يكبر الله أربع مرات ؛ فيتخيل إلينا : أن السماء ، والأرض ، والحيطان تجاوبه.
وبلغ المأمون ذلك ؛ فقال له الفضل بن سهل ذو الرئاستين : يا أمير المؤمنين : إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس ، وخفنا كلنا على دمائنا ؛ فالرأي أن تسأله أن يرجع ..
فبعث المأمون إلى الإمام يقول له : إنه قد كلفه شططا ، وأنه ما