ونرى أنه (ع) يقول ـ وعنده جماعة من بني هاشم ، فيهم إسحاق ابن عيسى العباسي ـ : « يا إسحاق ، بلغني أن الناس يقولون : إنا نزعم : أن الناس عبيد لنا. لا .. وقرابتي من رسول الله ما قلته قط ، ولا سمعته من آبائي قاله ، ولا بلغني عن أحد من آبائي قاله الخ .. ». وقد تقدمت هذه الرواية في فصل : خطة الامام ..
كما أن هشام بن ابراهيم العباسي ، الذي وضعه الفضل بن سهل ليراقب الرضا (ع) ، ويضيق عليه ، كان يشيع عن الرضا (ع) : أنه أحل له الغناء ، فلما سئل (ع) عن ذلك قال : « كذب الزنديق الخ (١) .. ».
بهذه الشائعات الكاذبة ، وامثالها أراد المأمون الحط من كرامة الامام وتضعيف مركزه ، وزعزعة ثقة الناس به ، وبالعلويين بصورة عامة ..
ولكن كما يقولون : حبل الكذب قصير ؛ إذ أن أقوال الامام (ع) وأفعاله وجميع جهات سلوكه ، سواء قبل توليته للعهد أو بعدها .. كانت تناقض هذه الشائعات ، وتدحضها (٢) .. الأمر الذي كان من شأنه
__________________
(١) رجال المامقاني ج ٣ ص ٢٩١ ، وقاموس الرجال ج ٩ ص ٣٠٩ ، ووسائل الشيعة ج ١٢ ص ٢٢٧ ، ومسند الامام الرضا ج ٢ ص ٤٥٢ ، عن رجال الكشي ص ٤٢٢. والبحار ج ٤٩ ص ٢٦٣ ، عن قرب الاسناد ص ١٩٨.
وكان هشام بن ابراهيم هذا جريئا على المأمون ؛ لأنه هو الذي رباه ، وشخص إلى خراسان في فتنة ابراهيم بن المهدي ، راجع الأغاني ط ساسي ج ٩ ص ٣١. ويسمى : العباسي مع أنه لم يكن عباسيا : إما لأن المأمون ولاه تربية ولده العباس ، أو لأنه ألف كتابا في امامة العباس نص على ذلك الكشي ط النجف ص ٢٢٣ وغيره.
(٢) وكيف يمكن أن نصدق مثل هذا الذي لا يقره العقل ، ولا يقبل به القرآن ، على الامام الذي كان يتخذ لنفسه أسلم ، وأروع منهج ، ألا وهو منهج القرآن ، حتى إنه عند ما أنكر رؤية النبي لله تعالى ، واستدل على ذلك بالآيات ، وقال له أبو قرة : فتكذب بالروايات؟! قال الامام عليهالسلام : إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها ، وما أجمع المسلمون