ولأجل هذا قال ابن النديم في الفهرست : إن الامام الشافعي كان شديد التشيع ، وقالوا في محمد بن جرير الطبري : فيه تشيع يسير ، وموالاة لا تضر .. مع أن من الواضح : انهما ليسا من الشيعة .. وهذا الاطلاق يوجد كثيرا في كتب التراجم والرجال في مقام الجرح والتعديل ..
وعلى كل حال .. فان هذا الفرق بين « الشيعة » و « المتشيعة » قد خفي على سيدنا آية الله الامام شرف الدين رحمهالله ؛ حيث إنه .. قد ذكر عددا ممن كان فيه « تشيّع » فجعلهم من « الشيعة » ..
ولعل الذي أوقعه في الاشتباه هو أن بعض « أهل الجرح والتعديل » ممن تغلب عليه نزعة النصب ، قد عدّ جماعة من هؤلاء « المتشيعة » من الروافض ، توهينا لنزعتهم ، وتسفيها لرأيهم في محبة علي عليهالسلام وأهل بيته الطاهرين.
وهارون الرشيد كان ناصبيا ، وقد تقدم في فصل « موقف العباسيين من العلويين » وغيره بعض مواقفه وأفعاله .. فلعله لما رأى حب زوجته لأهل البيت أراد طلاقها ..
وواضح .. أن « التشيع » على النحو الذي ذكرناه ، لا يتنافى ، ولا يتعارض مع الاعلان عن مواقف هي ضد الجهة التي يتعاطف معها ، بوحي من مصالحه المعيشية والأمنية ونحوها .. كما أنه لا يتنافى ، ولا يتعارض مع عدم الالتزام العملي بالتعاليم المذهبية ، بل إنه قد يكون مستهترا عملا ، وينتهج سلوكا شاذا ، وبعيدا عن روح وتعاليم الدين الحنيف. ومع ذلك يدّعي أنه ملتزم بدين ، ومنتم إلى مذهب ، شأن الكثيرين من السياسيين من المعاصرين وغيرهم .. كما أنه لا ملازمة بين التشيع وبين وجوب القيام بثورة مسلحة ضد نظام الحكم القائم .. وعليه .. فتشيّع زبيدة ربما يكون مقتصرا على هذا التعاطف والحب لأهل البيت ، ولا يتنافى ذلك مع ما ذكره سماحة الأخ الكريم.
كما أن من البعيد جدا : أن لا يكون قبر زبيدة ، أعظم عباسية في التاريخ متميزا ، ومعروفا لدى الناس ، حتى العامة منهم .. كما أن تعليل طلاقه لها بأنها : كانت تضايقه ، وتمنعه من التمتع بحسناوات القصر ، ما هو إلا اجتهاد في مقابل النص!! ..