ونسيم قول الله تعالى : « ومن بغي عليه لينصرنه الله .. ».
وأما ما ذكرتم : من استبصار المأمون في البيعة لأبي الحسن الرضا (ع) ؛ فما بايع له المأمون إلا مستبصرا في أمره ، عالما بأنه لم يبق أحد على ظهرها أبين فضلا ، ولا أظهر عفة ، ولا أورع ورعا ، ولا أزهد زهدا في الدنيا ، ولا أطلق نفسا ، ولا أرضى في الخاصة والعامة ، ولا أشد في ذات الله منه. وإن البيعة له لموافقة رضا الرب عز وجل. ولقد جهدت وما أجد في الله لومة لائم ..
ولعمري ، لو كانت بيعتي بيعة محاباة ، لكان العباس ابني ، وسائر ولدي أحب إلى قلبي ، وأجلى في عيني ، ولكن أردت أمرا ، وأراد الله أمرا ؛ فلم يسبق أمري أمر الله.
وأما ما ذكرتم : مما مسكم من الجفاء في ولايتي ، فلعمري ما كان ذلك إلا منكم بمظافرتكم عليه ، علي ( خ د ) ، وممايلتكم إياه ، فلما قتلته وتفرقتم عباديد ، فطورا أتباعا لابن أبي خالد ، وطورا أتباعا لأعرابي ، وطورا أتباعا لابن شكلة ، ثم لكل من سل سيفا علي. ولو لا أن شيمتي العفو ، وطبيعتي التجاوز ما تركت على وجهها منكم أحدا ، فكلكم حلال الدم ، محل بنفسه ..
وأما ما سألتم : من البيعة للعباس ابني .. أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟! ويلكم ، إن العباس غلام حدث السن ، ولم يؤنس رشده ، ولم يمهل وحده ، ولم تحكمه التجارب. تدبره النساء ، وتكفله الاماء ، ثم .. لم يتفقه في الدين ، ولم يعرف حلالا من حرام ، إلا معرفة لا تأتي به رعية ، ولا تقوم به حجة ، ولو كان مستأهلا ، قد أحكمته التجارب ، وتفقه في الدين ، وبلغ مبلغ أمير العدل في الزهد في الدنيا ، وصرف النفس عنها .. ما كان له عندي في الخلافة ، إلا ما كان لرجل من عك وحمير ، فلا تكثروا من هذا المقال ، فإن لساني لم