الذين جاهروا في أمرنا فحذرناهم ، وكنت ألطف حيلة منهم بما استعملته من الرضى بنا والتستر لمحننا ، تختل واحدا فواحدا منا. ولكنني كنت امرأ حبب إليّ الجهاد ، كما حبب إلى كل امرئ بغيته ، فشحذت سيفي ، وركبت سناني على رمحي ، واستفرهت فرسي ، لم أدر أي العدوّ أشد ضررا على الإسلام ، فعلمت أن كتاب الله يجمع كل شيء ، فقرأته ، فإذا فيه : « يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ، وليجدوا فيكم غلظة » ..
فما أدري من يلينا منهم ، فأعدت النظر ، فوجدته يقول : « لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حاد الله ورسوله ، ولو كانوا آباءهم ، أو إخوانهم ، أو عشيرتهم » ، فعلمت أن عليّ أن أبدأ بما قرب مني ..
وتدبرت ، فإذا أنت أضر على الاسلام والمسلمين من كل عدو لهم ، لأن الكفار خرجوا منه ، وخالفوه ، فحذرهم الناس ، وقاتلوهم ، وأنت دخلت فيه ظاهرا ، فأمسك الناس ، وطفقت تنقض عراه عروة عروة ، فأنت أشد أعداء الإسلام ضررا عليه .. » .. ثم قال أبو الفرج : وهي رسالة طويلة أتينا بها في الكتاب الكبير ..