وذلك لأنهم كانوا في بداية أمرهم يصلون حبل وصايتهم بأمير المؤمنين عليهالسلام ، ثم منه إلى ولده محمد بن الحنفية ، ثم إلى ابنه أبي هاشم ، ثم إلى علي بن عبد الله بن العباس ، فإلى ولده محمد بن علي ، فإبراهيم الامام ، ثم منه إلى أخيه السفاح (١) وهكذا .. هذا .. مع إنكارهم لشرعية خلافة أبي بكر وعمر ، وعثمان ، وغيرهم من خلفاء الامويين ، وغيرهم ..
ويتضح انكارهم وتبرؤهم هذا من كثير من النصوص التاريخية .. فمن ذلك قصة أبي عون مع المهدي ، التي ستأتي في بعض هوامش هذا الفصل ..
ومن ذلك أيضا قول أبي مسلم في خطبته في أهل المدينة في السنة التي حج فيها في عهد السفاح ، قال : « .. وما زلتم بعد نبيه تختارون تيميّا مرة ، وعدويا مرة ، وأسديا مرة وسفيانيا مرة ، ومروانيا مرة ، حتى جاءكم من لا تعرفون اسمه ، ولا بيته [ يعني نفسه ] يضربكم بسيفه ؛ فأعطيتموها عنوة ، وأنتم صاغرون ، ألا وإن آل محمد أئمة الهدى ، ومنار سبيل التقى ، القادة الذادة السادة الخ (٢) .. ». وتقدم قول داود ابن علي : « لم يقم فيكم امام بعد رسول الله الخ .. »
وروى أبو سليمان الناجي ، قال : « جلس المهدي يوما يعطي قريشا صلات لهم ، وهو ولي عهد ، فبدأ ببني هاشم ، ثم بسائر قريش. فجاء السيد [ أي الحميري ] ؛ فرفع إلى الربيع حاجب المنصور رقعة مختومة ، وقال : ان فيها نصيحة للامير ؛ فأوصلها إليه. فأوصلها ؛ فإذا فيها :
__________________
(١) تاريخ ابن خلدون ج ٣ ص ١٧٣ ، ومروج الذهب ج ٣ ص ٢٣٨ ، ووفيات الأعيان ج ١ ص ٤٥٤ ، ٤٥٥ ، طبع سنة ١٣١٠ ، وامبراطورية العرب ص ٤٠٦ ، وغير ذلك ، وقد أشرنا إلى أن هذه هي عقيدة الكيسانية ، فراجع ..
(٢) شرح النهج للمعتزلي ج ٧ ص ١٦١ ، ١٦٢.