خوفهم ـ على العلويين يوسعونهم قتلا ، وعسفا وتشريدا ، وأذاقوهم مختلف أنواع العذاب ، التي لم تكن لتخطر على قلب بشر ؛ بهدف استئصالهم من الوجود ، ومحو آثارهم ؛ ليصفو لهم الجو ، ولا يبقى من يستطيع أن ينازعهم سلطانهم ، الذي يجب أن يكون لهم وحدهم .. أو بالأحرى حتى لا يبقى من من شأنه ذلك .. حتى لقد نسي الناس فعال بني أمية معهم ، عند ما رأوا فعال بني العباس بهم .. وحتى لقد رأينا أحد شعراء ذلك الوقت يقول :
تالله ما فعلت
أمية فيهم |
|
معشار ما فعلت
بنو العباس (١) |
وقال آخر ـ وهو أبو عطاء ، أفلح بن يسار السندي ، المتوفى سنة ١٨٠ ه. وهو من مخضرمي الدولتين : الاموية والعباسية : قال في زمن السفاح.
يا ليت جور بني
مروان دام لنا |
|
وليت عدل بني
العباس في النار (٢) |
وقال منصور بن الزبرقان النمري ، المتوفى في خلافة الرشيد :
آل النبي ومن
يحبهم |
|
يتطامنون مخافة
القتل |
أمن النصارى
واليهود وهم |
|
من أمة التوحيد
في أزل (٣) |
وقد أنشد الرشيد هذين البيتين بعد موت منصور هذا ، فقال الرشيد ، بعد أن أرسل إليه من يقتله ، فوجده قد مات : « لقد هممت أن انبش
__________________
(١) شرح ميمية أبي فراس ص ١١٩.
(٢) المحاسن والمساوي ص ٢٤٦ ، والشعر والشعراء ص ٤٨٤ ، ونظرية الإمامة ص ٣٨٢ ، والمهدية في الاسلام ص ٥٥ ، وطبيعة الدعوة العباسية ص ٢٧٢.
(٣) الأزل : الضيق والشدة.