أقول : هذا التفصيل كما ترى يرجع إلى التفصيل باعتبار السبب وأنّ القطع الحاصل من المقدّمات الشرعيّة أو العقلية الضّروريّة حجّة ، دون الحاصل من المقدمات العقليّة الصّرفة مطلقا أو في الجملة على إختلاف بين المفصّلين.
وهو مبنيّ على نفي الملازمة بين حكم العقل والشرع باعتبار ، كما يظهر من بعض كلماتهم وإستدلالاتهم مع تسليم حصول القطع من حكم العقل بحكم الشرع من البرهان العقلي الذي أقاموه على الملازمة بين الحكمين.
ولذا عدّهم جماعة من المحقّقين مخالفين في مسألة الملازمة ، وعلى نفي وجوب إطاعة الحكم الشرعي المستكشف من الدليل العقلي باعتبار آخر كما يظهر من كلماتهم الآتية.
__________________
إدراكا قطعيّا في استنباط الأحكام الفرعيّة ولو فرض وجوده فيها فهو حجة عنده ».
انتهى. خاتمة المستدرك : ج ٩ / ٣٠٣ ـ ٣١٨ ثمّ أورد تصريح المحدّث الجزائري بوجوب تأويل الدليل النقلي إذا تعارض مع الدليل العقلي ذي المقدمات البديهيّة. ثمّ ذكر تصريح صاحب الوسائل بحجّيّة حكم العقل إذا كان قطعيّا كما في الفائدة الثامنة من خاتمة الوسائل ، ثمّ تابع كلماته في الفوائد الطوسيّة واستخلصها فيما يلي بقوله :
« إلى غير ذلك من كلماته التي تنادي بأعلى صوتها : أن ما نفوا حجّيّته حكم العقل الظني ، وأنه لا حكم قطعي له في الفروع وأنه لو فرض وجوده نادرا فهو حجة لا ينفك عنه صدور دليل نقلي وقطعي بالتواتر ». ج ٩ / ٣٢٤
ثمّ نقل عدّة نصوص من المحدّث البحراني من كتابه الحدائق وكذلك الدرر النجفيّة بهذه المناسبة واستخلص من كلامه : بأنه لا يرى للعقل استقلالا وطريقا إلى معرفة الأحكام بالقطع واليقين ، لا أنه يستقل ولا يكون مع ذلك حجة. لاحظ خاتمة المستدرك : ج ٩ / الفائدة ١١ ، ص ٣٠٣ ـ ٣٢٧.