حصل إنسان وحيوان ، فحينئذ ما صارت النطفة إنسانا وما خلق الحيوان من الطين ، بل ذلك شيء بطل وإنعدم بكليّته وهذا شيء آخر حصل جديدا بكلّيته وجميع أجزائه.
وإمّا أن يكون الجوهر الذي كانت فيه الهيئة النّطفية أو الطينيّة بطلت عنه تلك الهيئة وحصلت فيه هيئة إنسان أو هيئة حيوان.
والقسمان الأوّلان باطلان بحيث لا يعتقدهما جاهل ؛ لأنّ كلّ من زرع بذرا لينبت شيء منه ، أو تزوّج ليكون له ولد ، يحكم على الزرع بأنّه من بذره ويفرّق بين ولده وغيره بأنّه من مائه ، وإن عانده معاند لا يلتفت اليه ويكذّبه الحدس الصائب. فظهر من ذلك كلّه أنّ الهيولى من حيث المفهوم المذكور ما (١) وقع فيها خلاف (٢).
إنّما النزاع في أنّ ذلك الأمر له أجزاء لا تجزّى أو ما في حكمها كما ذهب اليه المتكلّمون ، أو أجسام صغار صلبة لا يمكن انقسامها في الخارج وان كانت منقسمة في الذهن بخلاف الاجزاء التي لا تجزّى كما هو مذهب ذي مقراطيس ، أو نفس الجسم بما هو جسم كما هو رأي جماعة من الأقدميّين ، أو أمر أبسط من الجسم وجزء له كما عليه المعتبرون من المشائين؟
وإلى ما ذكرنا يرجع تعريفها كما عن بعض : بأنّها ما يكون الشيء شيئا بها بالقوّة.
وأمّا الصّورة : فهي جوهر يكون الشيء بها بالفعل. وهي كما ترى غير ما يطرأ على الأجسام من الاشكال والأبعاد وان اطلق عليها الصّورة في إطلاق ، إلاّ
__________________
(١) « ما » نافية.
(٢) هذا البحث مأخوذ من الحكمة المتعالية : ج ٥ / ٦٥.