رابعها : أنّ المثال الذي ذكره تقريبا لصحّة تعلق المنع بالعمل بالقطع أجنبي عمّا نحن فيه. فانّ المنع فيه يرجع إلى المنع عن الخوض في المقدمات لا إلى المنع عن العمل بالقطع كما لا يخفى.
وهذا هو المراد ممّا أورده عليه شيخنا الأستاذ العلاّمة قدسسره اللّطيف في « الكتاب » بقوله : « والعجب أنّ المعاصر مثّل ... إلى آخره » (١).
فمراده قدسسره : التمثيل لمورد صحّة النّهي لا لقطع القطّاع ، حتى يتوجه عليه : بأنّ المعاصر ذكر هذا الكلام تقريبا لصحّة تعلّق النهي عن العمل بالقطع لا لقطع القطّاع ، فتأمّل هذا.
خامسها : أنّ ما ذكره ـ في تقريب كلام بعض المحقّقين في قطع القطّاع مبنيا على ما أفاده قدسسره في حكم القطع ـ لا محصّل له ، فان غاية ما هناك بالنظر إلى ما أفاده في حكم القطع إمكان تعلّق المنع من الشارع بالعمل بقطع القطّاع لا وقوعه ، ضرورة أنّ الامكان الذاتي لا يلزم الوقوع وإلاّ خرج عن كونه ممكنا ، غاية الأمر إحتمال تعلق المنع ، وهو غير قادح في إستقلال العقل بالحكم واستكشاف حكم الشارع بالحجيّة عن حكم العقل بها على ما بني عليه الأمر.
والقول : بأنّه إذا بني على كون القطع كالظّن في كون إعتباره جعليّا لا ذاتيا ـ يستلزم الحكم بعدم إعتباره حتّى يعلم به كالظّن فلا يحكم باعتباره إلاّ مع العلم بالمنع ـ فاسد جدّا.
إذ مبنى ما ذكره على الإغماض عمّا يقتضيه التحقيق ـ : من عدم امكان
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٦٧.