الكلّي المعتبر شرعا أو عقلا الذي يعبّر عنه بالظّن الخاص في كلماتهم ـ سواء كان معتبرا مطلقا حتى فيما يتمكّن من تحصيل العلم بالواقع على ما هو شأن الظّنون الخاصّة التي بأيدينا أو كان معتبرا فيما لا يتمكّن من تحصيل العلم ـ فليس مفاد دليل اعتباره تعيين الأخذ به في مقابل تحصيل الواقع ، بل التعيين في مقام الإكتفاء باحتمال الواقع في مقابل ما لا يعتبر من الأمارات وإن لم يكن متيقنا من جميع الجهات وبقول مطلق.
كما إذا فرض تعدّد الظّنون الخاصّة ؛ فانّ إرادة الوجوب التعييني في كلّ واحد لا يجامع مع فرض التعدد فليس الغرض إثبات التخيير بينه وبين تحصيل الواقع بالاحتياط ، بل تخصيص مفاده بصورة الجهل بالواقع وعدم العلم بحصوله من حيث أنّ الجهل مأخوذ في موضوع الأمارة ؛ إذ كما أنّ إعتبارها مع التمكّن من المعرفة العلمية التفصيلية ليس راجعا إلى التخيير ، بل إلى التعيين في موضوع الجهل ولا ينافي ذلك جواز رفع موضوعها بالعلم ، كرفع موضوع حكم التمام بالسفر مع كون حكم الحاضر حكما تعينيّا ما دام حاضرا ، كذلك إعتبارها مع التمكّن من تحصيل الواقع بالإحتياط ، فتأمّل.
وهذا معنى ما أفاده شيخنا الأستاذ العلاّمة قدسسره في « الكتاب » في إفساد هذا التّوهم بقوله : ( وأدلّة الظنون الخاصّة انّما دلّت على كفايتها عن الواقع ... ) إلى آخره (١).
وإن كان إعتباره من حيث قيام دليل على إعتبار مطلق الظّن من غير دخل
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٧٥.