العلم في أغلب الأحكام الشرعية ما دلّ على نفي الحكم الحرجي ، لكنّك قد عرفت عدم الاختصاص به ؛ إذ ممّا يدل عليه حكم العقل المستقل ببطلان ما يوجب الإختلال بعد إثبات كون الإحتياط الكلّي موجبا له. وهذا كما ترى ينفي جوازه لا وجوبه ؛ لأنّ تجويز ما يوجب الاختلال قبيح لكونه نقضا للغرض. والقول : بأنّ الإختلال انّما ينشأ من وجوبه ، كما ترى.
لأنّا نقول : مقتضى لزوم الاختلال وإن كان بطلان جواز الاحتياط على ما ذكرت الاّ أنّه انّما يقتضي بطلان جوازه في جميع المشتبهات ؛ لأنّه الموجب له لا الاحتياط في الجملة وفي بعض المشتبهات ، فاذن يمكن القول بجوازه حتّى يعلم المحتاط من نفسه الوقوع في محذور الإختلال. ودعوى : التحديد المذكور أمر حرجيّ فلا يجوز ، فاسدة جدّا.
إذ المدّعى بعد قيام الدليل على بطلان جواز الاحتياط على الوجه الكلّي رجحان الاحتياط في الجملة ، فلا يقضي بابطاله دليل نفي الحرج ؛ إذ المنفي به إيجاب الأمر الحرجي لا رجحانه فلزوم الحرج من التحديد المذكور لا ينفي بما دلّ على نفي الحرج فتأمّل هذا.
وأمّا الثّامن : فلما عرفت سابقا في تأسيس الأصل في المسألة : من أن الشك في حصول الاطاعة بالاحتياط قد يكون من جهة الشك فيه في بناء العقلاء في باب الاطاعة ، وقد يكون من جهة الشك في اعتبار خصوصيّة عند الشارع في اطاعة احكامه من غير أن تكون معتبرة في إطاعة مطلق الأوامر الصادرة من الموالي بحكم العقل والعقلاء.
فان كان من الحيثيّة الأولى فلا ريب في استقلال العقل في الحكم بعدم