الواقع لا في مرحلة الظّاهر ؛ إذ التّلازم بينهما إن كان من جهة التّنافي بين ثبوت أحد الحكمين في الواقع والإباحة بحسب الظّاهر. ففيه : أنّ المسلّم عندهم عدم التّنافي بين الحكمين المذكورين وإلاّ كان ثبوت الحكم الظّاهري مشروطا بعدم مخالفته للواقع وهو محال ؛ إذ بعد العلم بالحكم الواقعي لا يعقل وجود الحكم الظّاهري فكيف يعقل في ثبوته موافقته له أو كونه إخبارا عن مجرّد المعذوريّة؟ وهو كما ترى بمكان من الضّعف والسّقوط بحيث لا يرتاب في فساده جاهل.
وأيّ فرق بين قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : مثلا : ( كلّ ماء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر ) (١) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء إلاّ ما غيّر لونه أو ريحه ) (٢)؟ وكذا أيّ فرق بين قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( كلّ شيء لك حلال حتى تعلم أنّه حرام ) (٣) وبين
__________________
(١) الكافي : ج ٣ / ١ / ح ٢ و ٣ نشر دار الكتب الاسلامية وفيه : « الماء كله طاهر حتى يعلم انه قذر » ، عنه التهذيب ج ١ / ٢١٥ ـ ح ٦١٩ ، والوسائل : ج ١ / ١٣٤ ، أبواب الماء المطلق باب (١) انه طاهر مطهر ... ح ٥.
(٢) وسائل الشيعة : ج ١ / ١٣٥ الباب الأوّل من أبواب الماء المطلق باب عدم نجاسة ماء البئر بمجرد ... ح ٩ أورده من « المعتبر » للمحقق الحلّي وكذا أورده الفاضل العجلي في السرائر وقبلهما الشيخ في الخلاف : ج ١ / ١٧٣ والرواية عامية. انظر تلخيص الحبير ج ١ / ١٠٠ ، وفتح العزيز : ج ١ / ١٠٠ ، ومواهب الجليل : ج ١ / ٩٩ ، وسنن الدار قطني : ج ١ / ٢٨ ، والسنن الكبرى : ج ١ / ٢٥٩ ، وأنظر المصنف لعبد الرزاق : ج ١ / ٨٠ ـ ح ٢٤٦ ، إلى غير ذلك. وعليه فمن العجيب دعوى فاضل السرائر الإتفاق على روايته انظر السرائر : ج ١ / ٦٢.
(٣) الكافي : ج ٥ / ٣١٣ باب النوادر ـ باختلاف يسير.