(٨٥) قوله : ( هذا مع أنّ حكم الشّارع بخروج مجرى الأصل ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٩٤ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ هذا يرجع إلى جواب آخر ، وحاصله : أنّه ـ على تقدير تسليم ظهور أدلّة الأصول في إناطة الحكم فيها بالعلم التّفصيلي ـ لا بدّ من رفع اليد عنه ؛ لاستقلال العقل بقبح ذلك على الشّارع من حيث رجوعه إلى التّناقض ، فإنّ معنى تجويزه الرّجوع إلى أصالة الطّهارة مثلا في كلّ من المشتبهين ليس إلاّ الحكم بعدم وجوب الاجتناب عن النّجس ، وهو يناقض ما دلّ على وجوب الاجتناب.
وهذا كما ترى يرجع إلى منع جريان دليل الأصل في صورة العلم الإجمالي بالتّكليف حتّى يكون حاكما على دليله ، وليت شعري إذا كان دليل الأصل مختصّا بصورة الشّك البدوي فهل يفرّق فيه بين المخالفة الالتزاميّة العمليّة؟
حتّى يحكم بتحقّق الحكومة بالنّسبة إلى إحداهما دون الأخرى. هذا مضافا إلى ما عرفت : من عدم إمكان حكومة الأصول على الأدلّة وإن كانتا متوافقتين ، لا من حيث لزوم التّناقض بل من الحيثيّة الّتي عرفتها.
(٨٦) قوله : ( فتأمّل ). ( ج ١ / ٩٤ )
أقول : يمكن أن يكون الوجه فيما ذكره من التّأمّل ما عرفت منّا من المناقشة فيما ذكره ( دام ظلّه ) ، ويمكن أن يكون الوجه فيه المنع من كون مرجع أصالة الطّهارة إلى عدم وجوب الاجتناب المخالف لقول الشّارع ( اجتنب عن النّجس ) من حيث كونها حاكمة على أدلّة وجوب الاجتناب عن النّجس هذا.
ولكنّك قد عرفت : أنّها وإن لم ترجع إلى عدم وجوب الاجتناب واقعا ـ حتّى يلزم التّناقض ـ إلاّ أنّها راجعة إلى عدم وجوبه ظاهرا المناقض لحكم العقل.